شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 37 - الجزء 3

مسألة: [في أن الوطء الحرام لا يحرم الحلال]

  قال: ولو أن رجلاً وطئ امرأة حراماً أو شبهة لم تحرم عليه أمها ولا ابنتها، ولا تحرم هي على ولد الواطئ ولا والده، وكذلك إن وطئ أم امرأته أو ابنتها لم تحرم عليه امرأته، وكذلك إن وطئ الرجل امرأة ابنه لم تحرم على زوجها.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)، وهو قول الشافعي إلا في الشبهة. قال أبو حنيفة: جميعه يحرم.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}⁣[النساء: ٣] وقوله: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}⁣[النور: ٣٢] فلم يستثن ما ذكرناه، ويدل على ذلك حديث نافع عن ابن عمر قال: قال النبي ÷: «لا يحرم الحرام الحلال»⁣(⁣٢).

  ويدل على ذلك حديث عبدالله بن نافع المخزومي، عن المغيرة بن إسماعيل، عن عثمان بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن النبي ÷ سئل عن الرجل يتبع المرأة حراماً أينكح ابنتها؟ أو يتبع البنت حراماً هل ينكح أمها؟ قال: «لا يحرم الحرام حلالاً، إنما يحرم ما كان نكاحاً حلالاً»⁣(⁣٣).

  فدل الخبر على ما ذهبنا إليه من وجوه: أحدها: أن السائل لما سأل عن اتباع المرأة حراماً أجاب ÷ بما دل على أنه لا يحرم، واتباع المرأة حراماً كناية من جهة العرف⁣(⁣٤) عن الزنا.

  والثاني: عموم قوله ÷: «لا يحرم الحرام الحلال»، فوجب بهذا الظاهر أن يكون جميع الحرام لا يحرم الحلال إلا ما منع منه الدليل.


(١) الأحكام (١/ ٣٣٠).

(٢) أخرجه ابن ماجه (١/ ٦٤٩) والدارقطني في السنن (٤/ ٤٠١).

(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٧٤، ٢٧٥).

(٤) في (أ، ج): كناية في العرف.