باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع
  الخمر حكماً، وهو لا يقع إلا في حال السكر، فبان أنه قد يتعلق الحكم بأفعال السكران.
  فإن قيل: إذا كنتم تقولون: إن الطلاق لا يقع إلا بالقصد، وتمنعون وقوع طلاق المكره لما معه من الأمارة الدالة على عدم قصده - فما أنكرتم أن يلزمكم القول بأن طلاق السكران لا يقع لمثل ذلك؟
  قيل له: أما القصد فلا يمتنع حصوله من السكران، فلا سؤال في هذا، وأما أمارة فقد القصد فلم تحصل معه كما حصلت مع المكره؛ لأن الإكراه إنما يكون على الأمر الذي يكون المكره كارهاً لفعله، وحصول الكراهة مانع من حصول الإرادة، وليس كذلك السكر؛ لأنه لا يمنع حصول الإرادة، ولا يضامه أمر يمنع حصولها، فبان أن الاعتراض ساقط عنا.
  وأما الطلاق في الحيض فقد مضى الكلام فيه مستقصى، فلا وجه لإعادته.
مسألة: [في عدم الاعتداد بالحيضة التي يقع الطلاق فيها]
  قال: وإذا طلق الرجل امرأته وهي حائض لم(١) تعتد بتلك الحيضة، واستأنفت ثلاث حيض.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  ولا خلاف في أنها لا تعتد بتلك الحيضة عند كل من ذهب إلى أن الطلاق واقع في الحيض.
  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}[البقرة: ٢٢٨] وقد ثبت أن الأقراء هي الحيض؛ لما نبيه بعد هذا في باب العدة، فلو اعتدت بتلك الحيضة كانت تربصت بنفسها قرأين وبعض القرء الثالث، وذلك خلاف الظاهر، فبان صحة ما ذكرناه من أنها لا تعتد بتلك الحيضة.
(١) في (د): فلا.
(٢) الأحكام (١/ ٤٠٤).