شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يؤخذ من أهل الذمة

صفحة 149 - الجزء 2

  فإن قيل: هذا يؤدي إلى إسقاط الجزية عن كثير منهم، وهم الفقراء الذين لا يملكون ما يجب على المسلمين في مثله الصدقة؛ لأنه لا يؤخذ منهم شيء، ولا يجوز أن تقع المصالحة على رفع ما ثبت عليهم بقول الله تعالى حيث يقول: {قَٰتِلُواْ اُ۬لذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلى قوله: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩}⁣[التوبة].

  قيل له: قد علمنا أن المأخوذ منهم على هذه الطريقة أكثر من الجزية، فيكون ذلك كأن الأغنياء منهم صالحوا عن⁣(⁣١) أنفسهم وعن فقرائهم بما بذلوا من ذلك، فلا يجب على ما بيناه أن يكون شيء من الجزية قد أسقط، يبين ذلك أن هذا يدخل فيه أموال نسائهم وصبيانهم، وهؤلاء لا جزية عليهم.

مسألة: [مصرف ما يؤخذ من أهل الذمة]

  قال: وجميع ما يؤخذ من أهل الذمة فيء يحل لمن لا تحل له الصدقة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢)، ولا خلاف فيه؛ لأن الصدقات تطهير وتزكية لأهلها، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}⁣[التوبة: ١٠٤]، فصح أنها مأخوذة من أهل الطهرة، وسبيل ما يؤخذ من أهل الذمة سبيل الغنائم والفيء، فلم يجب أن يكون مصرفه⁣(⁣٣) مصرف الصدقات؛ ولأن المسألة وفاق فلم نستقص الكلام فيها، واقتصرنا على الإشارة إلى جملتها.

مسألة: [في تأجير الأراضي التي للمسلمين من أهل الذمة]

  قال: ولا يؤاجر أهل الذمة شيئاً من الأراضي المغلة التي هي للمسلمين، ولا تباع منهم مزارعهم؛ لئلا تبطل أعشارها.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٤).


(١) في (ب): على.

(٢) الأحكام (١/ ١٨٢).

(٣) في (أ، ج): مصروفة.

(٤) الأحكام (١/ ١٥١).