شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك

صفحة 537 - الجزء 6

[في قول جماعة من المسلمين بعد افتتاح بلد: إنهم كانوا أمنوهم]

  قال: فإن سيقت الغنائم وحيزت ثم أتت جماعة من المسلمين فادعوا أنهم كانوا أمنوا نفراً منهم، وكانوا قد حضروا القتال والغنيمة ولم يتكلموا بشيء منه، ثم تكلموا بعد - لم يقبل الإمام منهم قولهم، وإن كانوا في وقت القتال والغنيمة غيباً ثم حضروا وادعوا قبل الإمام قولهم إن أقاموا عليه البينة⁣(⁣١).

  والأصل في هذا الباب أنه مصدق في قوله: أمنتهم ما دام مالكاً لأن يؤمنهم، وتكون ولايته في ذلك ثابتة، فإن لم يملكوا أن يؤمنوهم فتكون ولايتهم تلك زائلة، فلم يسمع قولهم إلا بالبينة، كما⁣(⁣٢) أن من كان في يده شيء يملكه فإن إقراره فيه جائز، فإذا خرج عن ملكه لم يجز فيه إقراره، فعلى هذا إذا فتحت قرية أو بلدة وسبوا وغنمت أموالهم فلا يصح أمان من يؤمنهم، ولا يملك ذلك، فيجب ألا يقبل قول من يقول: كنت أمنتهم. فإن قامت بذلك بينة سمعت البينة، وردوا كما كانوا، وردت إليهم أموالهم.

  وفصلُ يحيى # بين من حضر منهم وقت الغنيمة وبين من لم يحضر إنما هو لتأثيم من حضر وسكت، فأما أن البينة مسموعة في الوجهين وأن قولهم غير مسموع بغير بينة فهو سواء⁣(⁣٣).

  ويجي على هذا القول أن الأب إذا أقر بتزويج ابنته الصغيرة في حال صغرها أن إقراره جائز؛ لأنه أقر في حال يملك عليها تزويجها، فإن أقر بذلك بعد بلوغها فيجب ألا يجوز إقراره بإنكاحها، ولا بد فيه من إقامة البينة.


(١) الأحكام (٢/ ٤٠٦).

(٢) في (أ، ج): فكما.

(٣) في (هـ): فسواء.