باب القول في الولاء
  على أنه لم يك بد من ولاء للصبي، فلما لم يوجد من قبل الأب لأنه مرقوق جعل ولاؤه من قبل أمه، فإن أعتق أبوه جر ولاءه؛ لأن الولاء هو التعصيب، والأب أولى بالتعصيب، فصار أولى بالولاء فجره؛ لأن الضرورة التي ألحقت الولاء بالأم قد زالت، ولأن الولاء بالتعصيب قد حصل.
  واللحمة التي ذكرنا من أول المسألة إلى آخرها بها قال أبو حنفية والشافعي.
  وإن كان الأب مات رقيقاً وأعتق الجدُّ أبو أبيه لم يجر ولاءه.
  وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وذلك أن الجد يحوز التعصيب بالأب الذي هو ابنه، فإذا لم يثبت له الولاء [لكونه رقيقاً](١) لم يجره أبوه، وذلك أن الولاء كالنسب، ومعلوم أن نسباً لم يثبت للابن لا يجوز ثبوته لأبيه، فكذلك ولاؤه لم يثبت لابنه فلا يجوز ثبوته لأبيه، وهذا لا نص فيه ليحيى بن الحسين، وإن كان قد نبه عليه بقوله في الأحكام(٢)، وهو - يعني الولاء - لحمة كالنسب.
مسألة: [في أن الولاء للعصبة الرجال]
  قال: والولاء للرجال دون النساء، وهم العصبة الذين يحوزون الميراث دون من سواهم(٣).
  وتفسيره أن المعتق إذا مات وخلف أولاد مولاه البنين مع البنات، أو إخوة مولاه مع الأخوات - كان الولاء للبنين دون البنات، وللإخوة - إن لم يكن بنون - دون الأخوات، وهذا مما لا خلاف فيه.
  ووجهه: أن النبي ÷ قال: «الولاء لحمة كلحمة النسب» شبهه بالنسب، ورأينا ذوي الأنساب على ضربين: ضرب منهم الذين يقربون من الميت كالأولاد والإخوة، ووجدناهم يعصبون - لقوة تعصيبهم - الإناث إذا كن
(١) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٢) الأحكام (٢/ ٢٩١).
(٣) الأحكام (٢/ ٢٩١، ٢٩٢) والمنتخب (٢٩٩).