شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في العارية

صفحة 512 - الجزء 4

  يضمن، وإنما الخلاف إذا استعارها مطلقاً فأعار غيره، فقال أبو حنيفة: لا يضمن؛ لأن له أن يعير. وعندنا أنه يضمن؛ لأنه ليس للمستعير أن يعير.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن منافع العارية مباحة للمستعير وليست مملوكة له. وهذا مما اختلف فيه أصحاب أبي حنيفة، فذكر الجصاص⁣(⁣١) أن الإعارة تقتضي تمليك المنافع، وذكر أبو الحسن الكرخي أنها تقتضي إباحة المنافع.

  والذي يدل على أنها تقتضي الإباحة: أن له الرجوع في العارية سواء أعارها ذا الرحم أو على وجه القربة⁣(⁣٢)، فبان أن الإعارة تقتضي إباحة المنافع دون هبتها. وأيضاً لو ملك المنافع كان له أن يؤاجر⁣(⁣٣) العارية كما يكون ذلك للمستأجر؛ لأنه مالك منافعها⁣(⁣٤)، فإذا ثبت ذلك لم يكن للمستعير أن يعير غيره؛ لأن من أبيح له شيء لا يجوز له أن يبيحه غيره، لا خلاف فيه.

مسألة: [فيمن استعار شيئاً فرهنه فتلف]

  قال: وإذا استعار الرجل شيئاً فرهنه بإذن صاحبه أو بغير إذنه فتلف ضمن المستعير للمعير قيمته.

  وهذا قد مضى شرحه في كتاب الرهن.

  والفرق بين من رهنه بإذن المعير وبين من رهنه بغير إذنه: أنه إذا رهنه بإذن المعير وكانت القيمة للرهن زائدة على الدين لم يضمن الزيادة إلا إذا أخذها من المرتهن، وإذا رهنه⁣(⁣٥) بغير إذن المعير ضمنها [أخذها⁣(⁣٦) أو لم يأخذ؛ لأن الراهن


(١) شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٣١٨).

(٢) لفظ شرح القاضي زيد: سواء أعاره على وجه القربة أو على غير وجهها، أو أعار ذا رحم محرم أو غير ذي رحم محرم.

(٣) في (ب): يؤجر.

(٤) فلما لم يجز دل على أنها إباحة المنافع. (من شرح القاضي زيد).

(٥) في (أ، ج): فإذا رهنها.

(٦) في (أ، ج، هـ): أخذ.