شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التفليس

صفحة 342 - الجزء 6

  ذلك الأصل في هؤلاء أنهم لم يملكوا، فأما فيمن أخذ مالاً فيجب أن يجري على ما قال في الأحكام والمنتخب أمره، ويجوز أن يكون ما في الفنون قولاً مرجوعاً عنه، والأصح عندي على الوجوه كلها ما في الأحكام والمنتخب، والله أعلم.

مسألة: [في الحجر على المديون وبيع ماله]

  قال: وإذا قصر مال الرجل عما عليه من الديون حجر عليه الحاكم وفلسه، وباع عليه كل ما استغنى عنه من جميع ماله، ووفى غرماءه⁣(⁣١).

  أما حجر الدين فقد بينا في كتاب أدب القاضي أنه صحيح، وذكرنا الوجه، فلا وجه لإعادته.

  وأما بيع ماله عليه فقد وافق فيه أبو يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يباع عليه ماله، إلا الدنانير والدراهم فإنها تباع عليه استحساناً. وكنا أوردنا طرفاً من الكلام في هذا في باب التسليط على الرهن، إلا أنا نزيد هاهنا في كشفه وإيضاحه، فمما يدل على ذلك ما روي أن النبي ÷ حجر على معاذ وباع ماله للغرماء.

  فإن قيل: معناه أمره بالبيع، وإذا أمره بالبيع جاز أن يقال: باع [عليه]، كما روي في حديث سويد بن المقرن أنه كانت له جارية فلطمها [أحدهم]، فقيل في بعض الألفاظ لرسول الله ÷(⁣٢): فأمره بعتقها⁣(⁣٣)، وفي بعضها: فأعتقها النبي ÷. وقال الله ø في قصة فرعون: {يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِۦ نِسَآءَهُمْۖ}⁣[القصص: ٣]، ولم يكن يفعل ذلك، وإنما كان يأمر به.

  قيل له: ظاهر ما روي أن النبي ÷ باع عليه يقتضي أنه هو الذي باع عليه، وحمله على الأمر مجاز بعيد؛ [لأن ذلك لا يكاد يستعمل في معنى أمر


(١) المنتخب (٥٦٦، ٥٦٧، ٥٦٨).

(٢) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٧٣): فقال في بعض ألفاظ الحديث: فأمرهم النبي ÷ بعتقها.

(٣) أخرجه الترمذي (٣/ ١٦٧) وفي مسلم (٣/ ١٢٧٩): فبلغ ذلك النبي ÷ فقال: «أعتقوها».