شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ضمان الأجير

صفحة 316 - الجزء 4

  حكى ابن أبي هريرة أن هذه المسألة للشافعي على قولين، وحكى عن أصحابه فيها اضطراباً شديداً. والصحيح ما ذهبنا إليه؛ لأن صاحب الثوب مقر بالإذن له في القطع ويدعي عليه جناية لم تثبت، فوجب أن يكون هو المدعي، ووجب أن يكون الخياط هو المنكر.

  فإن قيل: إذا كان عندكم أن الأجير المشترك ضامن فالضمان [على الخياط مستقيم، وهو يحاول الإسقاط]⁣(⁣١) عن نفسه، فهلا جعلتموه مدعياً، وهلا ألزمتموه البينة.

  قيل له: إن ذلك الضمان هو ضمان العين، والعين باقية، وليس يطالب صاحب الثوب بذلك الضمان، وإنما يطالبه بضمان لم يستقر؛ لأنه ضمان جناية لم تثبت، فوجب أن يكون المدعي هو صاحب الثوب والمنكر هو الخياط.

  وحكي مثل قولنا عن ابن أبي ليلى.

مسألة: [في الصبَّاغ يصبغ بلون غير اللون المشروط]

  قال: ولو أن رجلاً دفع إلى صباغ ثوباً ليصبغه لوناً فصبغه غير ذلك اللون كان صاحب الثوب بالخيار: إن شاء أخذ ثوبه وإن شاء أخذ من الصباغ قيمته قبل أن يصبغه، تعمد الصباغ أو أخطأ فيه⁣(⁣٢).

  ووجهه: أنه قد أفسد الثوب على صاحبه وأخرجه عن أن يصح من صاحبه الانتفاع به مع ذلك الصبغ؛ لأن أغراض الناس في الأصباغ تختلف، فصار في حكم المستهلك، فإن شاء أخذه ولا شيء للصباغ، وإن شاء تركه للصباغ وضمنه قيمته⁣(⁣٣). هذا وجه ما في الكتاب من الجواب، والذي عندي في جوابه: أن عين الثوب باقية، وأن هذا ليس باستهلاك، فيجب أن ينظر فيه: فإن كان


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج، هـ).

(٢) المنتخب (٤٧٤).

(٣) في (أ، ب، ج، د): وإن شاء ضمنه وتركه عليه.