باب القول في زكاة الذهب والفضة
  ودخول الكسر في الموجب. والثانية: أن مقدار المأخوذ لا يتغير بعد النصاب.
  يبين صحة هاتين العلتين أن ما يضر الاشتراك ودخول الكسر في موجبه، وأن ما يتغير مقدار المأخوذ بعد النصاب - يجب أن يكون له عفو بعد النصاب، وما لا يحصل له الوصفان لا يجب أن يكون له عفو بعد النصاب، فبان أن الحكم يتعلق بعلتنا ويوجد بوجودها، فصار قياسنا يترجح على قياسهم الورق على المواشي؛ بعلة أن لابتداء زكاتها نصاباً؛ لأن مثل هذا الاعتبار لا يوجد في قياسهم، على أن قياس ما ليس بحيوان على ما ليس بحيوان أولى من قياس ما ليس بحيوان على الحيوان، على أن قياسنا يتضمن الاحتياط والإثبات، فصار أولى.
مسألة: [إذا نقص الذهب أو الفضة عن النصاب مقدار حبة لم تجب الزكاة]
  قال: ولو نقص من الذهب عن عشرين مثقالاً مقدار حبة أو من الفضة عن مائتي درهم ذلك القدر - لم تجب فيه الزكاة.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(١)، وهو قول عامة العلماء.
  وحكي عن مالك أنه قال: تجب الزكاة فيه إذا جازت جواز الوازنة.
  والأصل فيه: حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ÷: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة».
  وحديث جابر قال: قال رسول الله ÷: «لا صدقة في الرقة حتى تبلغ مائتي درهم»، وقد ذكرنا إسناد هذين الخبرين قبل هذه المسألة.
  وروى ابن أبي شيبة، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله ÷: «لا تكون في الدراهم زكاة حتى تبلغ خمس أواق»(٢).
  وعن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي # أنه قال: (ليس فيما دون مائتي درهم صدقة).
(١) المنتخب (١٣٩).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٣٥٥).