باب القول في الذين لا توارث بينهم
  عليه ورجع عن الردة كان ماله، فوجب أن يكون إذا مات أو قتل لورثته؛ دليله ما اكتسبه قبل حال الردة، ويشهد له أولاد المرتد؛ لأنه لا يسبى منهم من ولد(١) قبل ردته ولا في حال ردته، بل حكمهم حكم واحد، فكذلك لا يغنم من ماله لا ما اكتسبه قبل الردة ولا ما اكتسبه في حال الردة، ويكشف ما قلناه في ذلك أنه إذا ظفر بمال الحربي لا يرجع إليه إن أسلم كما يرجع مال المرتد إليه الذي هو مكتسب في حال الردة.
فصل: [في فيما تقضى منه ديون المرتد وتنفذ وصاياه]
  والذي يجيء على مذهب يحيى أن ديون المرتد ووصاياه تنفذ مما اكتسبه قبل الردة وفي حال الردة، وبه قال أبو يوسف ومحمد، قال أبو حنيفة وزفر: لا يقضى شيء من ذلك مما اكتسبه في حال الردة؛ لأنه فيء. وقد دللنا على أنه ماله وأنه ليس بفيء، فوجب أن تقضى منه ديونه وتنفذ وصاياه، ويقال للشافعي في أصل المسألة، ولأبي حنيفة وزفر(٢) فيما خالفانا: إن مال المرتد إن استحقه بيت المال لم يخل استحقاقه من أن يكون على سبيل الغنيمة أو على سبيل الإرث، ولا يجوز أن يستحقه على سبيل الغنيمة؛ لأنه لو كان مستحقاً على سبيل الغنيمة لم ينتظر موته؛ لأن سائر ما يغنم متى ظفر به كان غنيمة، ولا يعتبر فيه موت المالك الأول ولا حياته، ولو كان يستحقه على سبيل الإرث كان لا يجوز أن يستحقه وهناك ذوو سهام وعصبات، فبطل أن يستحقه بيت المال.
مسألة: [في التوارث بين أهل الملل الكفرية]
  قال: ولا توارث بين اليهود والنصارى، ولا بين اليهود والمجوس، ولا بين النصارى والمجوس، ولا بينهم وبين عبدة النجوم؛ لأن مللهم مختلفة، ولا توارث بين أهل ملتين مختلفتين(٣).
(١) «من ولد» ساقط من (ب، د، هـ).
(٢) «وزفر» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٣) الأحكام (٢/ ٢١٨، ٢٨٩).