شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 305 - الجزء 3

  وما ذكرناه من أن التي لم يدخل بها لا⁣(⁣١) تطلق ثلاثا إلا بأن تنكح ثلاثا مما اقتضته أصوله، وذلك أنا قد بينا أن الثلاث لا تقع بلفظة واحدة، فلا سبيل إلى تطليقها ثلاثا إلا على الوجه الذي بيناه من تجديد نكاحها؛ إذ رفع حكم ما يقع عليها من الطلاق إنما هو بتجديد النكاح فقط.

مسألة: [فيما يستحب لمن طلق امرأته وهي حائض]

  قال القاسم #: وإذا طلق الرجل امرأته وهي حائض راجعها، ثم فارقها على السنة إن شاء.

  وهذا منصوص عليه في مسائل النيروسي، ونص أيضاً في المنتخب⁣(⁣٢) عليه، ونص فيه على أن الرجعة مستحبة وليست بواجبة، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: الرجعة واجبة.

  والذي يدل على أنها مستحبة وليست بواجبة: أمر النبي ÷ لابن عمر حين طلق امرأته حائضاً، والمأمور به أقل ما فيه أن يكون مستحباً، كما أن ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجباً، ألا ترى أن الطهارة للصلاة المكتوبة واجبة، وللصلاة النافلة نافلة.

  فأما ما يدل على أنها غير واجبة فقول⁣(⁣٣) الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِے ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُواْ}⁣[البقرة: ٢٢٨] فعلق الرجعة تعالى بالإرادة، فدل على أنه ليس بواجب. وفي بعض الأخبار في حديث ابن عمر: «ثم ليطلقها إن شاء» والشرط عائد على جميع ما تقدم، فكأنه ÷ قال: مره فليراجعها إن شاء.

  ويبين ذلك أيضاً: أنا قد بينا أن الأمر بالرجعة لا وجه له إلا ليصح الطلاق الثاني، وإذا ثبت أن الطلاق الثاني لا يجب لم يجب الأمر الذي أمر به ليتم


(١) في (أ): لم.

(٢) المنتخب (٢٧٤، ٢٧٥).

(٣) في (أ، ج): قول.