شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[باب القول في الغسل]

صفحة 329 - الجزء 1

مسألة: [في جواز تفريق الوضوء والغسل]

  قال: ولا بأس بتفريق الوضوء والغسل.

  وقد نص على جواز تفريق الوضوء في المنتخب⁣(⁣١)، وعلى جواز تفريق الغسل في الأحكام⁣(⁣٢).

  واستدل على ذلك بأن الله تعالى أمر بالغسل فقال ø: {فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ}⁣[المائدة: ٦]، وقال: {وَإِن كُنتُمۡ جُنُبٗا فَٱطَّهَّرُواْۚ}⁣[المائدة: ٦]، فكان الواجب هو غسل ما أمر الله تعالى بغسله، وسواء وقع الغسل على وجه⁣(⁣٣) التفريق أو جهة التتابع؛ إذ لم تتضمن الآية ذكر التتابع ولا ذكر التفريق.

  فإن قيل: قد قال النبي ÷ في وضوء تابع فيه: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به».

  قيل⁣(⁣٤) له: المراد به ما اشتمل عليه اسم الوضوء، والتفريق والتتابع لا ينطلق عليهما اسم الوضوء، يدل على ذلك ما ذكرناه بإسناده فيما مضى من هذا الكتاب أن رسول الله ÷ رأى رجلاً يصلي وعقبه يلوح فقال: «إن كنت أمسسته الماء فامض في صلاتك، وإن لم تكن أمسسته فاخرج من صلاتك». فقال: يا رسول الله، كيف أصنع؟ أستقبل الطهور؟ قال: «لا، بل اغسل ما بقي»، وهذا نص صريح فيما نذهب⁣(⁣٥) إليه في هذا الباب.

  فإن اعتلوا لمذهبهم فقالوا: هي عبادة مرتبط بعضها ببعض فيجب أن تكون المتابعة شرطاً فيها قياساً على الصلاة، أو بأنها عبادة تبطل بالحدث - عارضناهم


(١) المنتخب (٦٤).

(٢) الأحكام (١/ ٦٩)، والمنتخب (٦٤).

(٣) في (ب، ج): جهة.

(٤) حاصل الجواب: أن التتابع والتفريق خارجان عن مفهوم الوضوء؛ إذ هو غسل أعضاء مخصوصة مرتبة على أي صفة وقع من تتابع أو تفريق. (من هامش ب).

(٥) في (أ): يذهب.