[باب القول في الغسل]
مسألة: [في جواز تفريق الوضوء والغسل]
  قال: ولا بأس بتفريق الوضوء والغسل.
  وقد نص على جواز تفريق الوضوء في المنتخب(١)، وعلى جواز تفريق الغسل في الأحكام(٢).
  واستدل على ذلك بأن الله تعالى أمر بالغسل فقال ø: {فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ}[المائدة: ٦]، وقال: {وَإِن كُنتُمۡ جُنُبٗا فَٱطَّهَّرُواْۚ}[المائدة: ٦]، فكان الواجب هو غسل ما أمر الله تعالى بغسله، وسواء وقع الغسل على وجه(٣) التفريق أو جهة التتابع؛ إذ لم تتضمن الآية ذكر التتابع ولا ذكر التفريق.
  فإن قيل: قد قال النبي ÷ في وضوء تابع فيه: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به».
  قيل(٤) له: المراد به ما اشتمل عليه اسم الوضوء، والتفريق والتتابع لا ينطلق عليهما اسم الوضوء، يدل على ذلك ما ذكرناه بإسناده فيما مضى من هذا الكتاب أن رسول الله ÷ رأى رجلاً يصلي وعقبه يلوح فقال: «إن كنت أمسسته الماء فامض في صلاتك، وإن لم تكن أمسسته فاخرج من صلاتك». فقال: يا رسول الله، كيف أصنع؟ أستقبل الطهور؟ قال: «لا، بل اغسل ما بقي»، وهذا نص صريح فيما نذهب(٥) إليه في هذا الباب.
  فإن اعتلوا لمذهبهم فقالوا: هي عبادة مرتبط بعضها ببعض فيجب أن تكون المتابعة شرطاً فيها قياساً على الصلاة، أو بأنها عبادة تبطل بالحدث - عارضناهم
(١) المنتخب (٦٤).
(٢) الأحكام (١/ ٦٩)، والمنتخب (٦٤).
(٣) في (ب، ج): جهة.
(٤) حاصل الجواب: أن التتابع والتفريق خارجان عن مفهوم الوضوء؛ إذ هو غسل أعضاء مخصوصة مرتبة على أي صفة وقع من تتابع أو تفريق. (من هامش ب).
(٥) في (أ): يذهب.