شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأيمان

صفحة 80 - الجزء 5

  يحنث في يمينه، وكان لا تكون فائدة في⁣(⁣١) قول النبي ÷: «واليمين على المدعى عليه»، فلما كان ذلك كذلك قلنا: إن النية نية المحلف، وإنه متى حلف على باطل لزمه الحنث وإن نوى خلاف الظاهر.

  فأما إذا حلف من غير حق يلزمه فله نيته؛ لأن المؤثر في لفظه هو قصده دون قصد غيره.

مسألة: [فيمن حلف ألا يأكل لحماً فأكل كبداً أو كرشاً أو لحم قنفذ]

  قال: ولو أن رجلاً حلف ألا يأكل لحماً فأكل كبداً أو كرشاً أو لحم قنفذ كان حانثاً إن نوى ذلك، وإن كانت يمينه مبهمة لم يحنث⁣(⁣٢).

  قال الشافعي مثل قولنا في الكبد والكرش، وقال أبو حنيفة: يحنث فيهما، ولا أدري قوله في القنفذ.

  ووجه قولنا: إنه لا يحنث إن أبهم يمينه - أن هذه الأشياء على الإطلاق لا تسمى لحماً⁣(⁣٣)؛ بدلالة أن من دفع إلى عبده درهماً وأمره أن يشتري به لحماً لم يجز أن يشتري به كبداً ولا كرشاً ولا لحم قنفذ، فإذا كان الإطلاق على ما ذكرنا ووصفنا وجب أن تحمل اليمين عليه.

  على أن أبا حنيفة لا يخالف أن من قال: «والله لا آكل الرؤوس» فأكل رؤوس العصافير أنه لا يحنث؛ لأن الإطلاق لا يتناول رؤوس العصافير وإن كانت في الحقيقة رؤوساً، فكذلك ما اختلفنا فيه؛ لأن الإطلاق لا يتناوله. فأما إذا قصد ذلك بنيته فإن هذه الأشياء من جنس اللحم، فإذا صح قصده بالنية واللفظُ محتملٌ له لزمه؛ لأن الإطلاق وإن لم يتناولها فليس يمتنع أن يعبر عنها باللحم.


(١) «في» ساقط من (ب، د)، وفي (هـ): لقول.

(٢) المنتخب (٣٠١).

(٣) في (هـ): أن هذه الأشياء لا تسمى لحماً على الإطلاق.