شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الكفارة

صفحة 120 - الجزء 5

  القلوب إثمها؛ لأنه حلف حين حلف مع علمه بأنه كاذب، فلم يجب أن يدخل فيما عقدنا من الأيمان؛ لأنه لا يصح منا حفظها.

  قال الشافعي مثل قول أبي حنيفة فيمن حلف أن يصعد السماء أو ما جرى مجراه إنه يحنث، وتلزمه فيه الكفارة، بناء على إيجابه الكفارة في الغموس، وإذ⁣(⁣١) بينا فيما بعد أنه لا كفارة في الغموس بان أنه لا كفارة في هذه الأيمان؛ إذ لا فرق بينها وبين الغموس.

  فأما ما قال القاسم من أن من حلف أن يزن الفيل فلا شيء عليه فإنما يريد نفي الكفارة، وإلا فالإثم لازم له لاشك فيه؛ لأنه حلف بالكذب، كمن حلف الغموس. والذي يجب في هذا أن ينظر فيه: فإن كان وزن الفيل مما يتعذر على القطع حتى يكون بمنزلة شرب الواحد ماء البحر أجمع أو صعوده السماء فما قاله صحيح لا كفارة فيه للوجه الذي بيناه، فإن كان مما يجوز التوصل إليه بإنفاق الأموال العظيمة فيجب أن تلزم فيه الكفارة إذا مضى الوقت الذي حلف عليه. ورأي القاسم # أن ذلك مما يتعذر ولا يصح فعله منا على ما نحن عليه من مقدار قوانا وآلاتنا، فلذلك أسقط الكفارة، وليس ما رآه من ذلك ببعيد.

فصل: [فيمن حلف ألا يكلم فلاناً إلا بإذن زيد فمات زيد قبل أن يأذن]

  قال أبو حنيفة ومحمد فيمن حلف ألا يكلم فلاناً حتى يأذن زيد فمات زيد قبل أن يأذن: إن يمينه قد سقطت، وله أن يكلمه. وقال أبو يوسف: صارت يمينه مطلقة، ويحنث متى كلمه.

  والأقرب على مذهب يحيى بن الحسين # أن اليمين تسقط⁣(⁣٢) كما قال أبو حنيفة ومحمد، والوجه الذي اعتمد أصحابه أن هذه يمين مؤقتة؛ لأن حتى


(١) في (أ، ج): وإذا.

(٢) لأنه # يعتبر العرف في الأيمان، والعرف يقتضي إمكان الاستئذان والإذن. (من شرح القاضي زيد).