شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادة على الزنا

صفحة 190 - الجزء 5

باب القول في الشهادة على الزنا

  لا يجب الحد على من لم يعترف بالزنا حتى يشهد عليه أربعة بالإيلاج⁣(⁣١).

  وهذا مما⁣(⁣٢) لا خلاف فيه؛ لقول الله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ} الآية [النور: ٦] فلم يثبت صحة ما رمى [به]⁣(⁣٣) إلا بأربعة شهداء، وقال الله تعالى: {وَالَّٰتِے يَأْتِينَ اَ۬لْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ} ... إلى قوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِے اِ۬لْبِيُوتِ}⁣[النساء: ١٥] فنسخ الإمساك بالجلد والرجم، وبقي حكم الشهادة على ما كان لا ناسخ له.

  ويجب أن يشهدوا على المعاينة للإيلاج، لا خلاف فيه؛ لما روي عن النبي ÷ أنه استفسر المقر بالزنا على هذا الحد.

  وعلى مذهب يحيى # وما نبه عليه في المنتخب يجب أن تكون الشهادة على إتيان الذكران أربعة كالشهادة على الزنا، وكذلك على تمكين المرأة من دبرها، وذلك أنه ø لما قال: {وَالَّٰتِے يَأْتِينَ اَ۬لْفَٰحِشَةَ} وقد ثبت أن التمكين من الدبر من الفاحشة؛ لأن الله ø سماه فاحشة في غير موضع من القرآن عند ذكر قوم لوط، ولم يستثن ø فاحشة من فاحشة، فوجب أن يكون الجميع لا يصح إثباته إلا بأربعة. وكذا لما قال الله: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ} لم يفصل بين أن يكون الزنا في القبل أو في الدبر. وأيضاً قد ثبت أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة، فكذلك إتيان الذكران، والعلة أن كل واحد منهما فاحشة لا تتم إلا بنفسين، وقد نبه على هذا في المنتخب، أو نقول: قد ثبت عندنا أن للرجم مدخلاً في إتيان الذكران، فأشبه الزنا في هذا، فوجب ألا يثبت إلا بشهادة أربعة.

  وبه قال الشافعي.


(١) الأحكام (٢/ ١٦٠).

(٢) في (أ، ج): ما.

(٣) ما بين المعقوفين من (هـ).