باب الشرك على غير المفاوضة
باب الشرك على غير المفاوضة
  إذا أراد الرجلان أن يشتركا شركة على غير المفاوضة فلهما أن يشتركا بما شاءا من نقودهما قليلاً كان أو كثيراً(١)، سواء كان لكل واحد منهما نقد غير ما اشتركا فيه أو لم يكن، ولا بأس أن يستوي ما لهما من النقد أو يختلف.
  وهذه الشركة هي التي تسمى شركة عنان(٢)، وقد يقال بفتح العين وكسره، فمن قال بفتح العين يذهب إلى أنه من عَنَّ الشيء، أي: عرض، ومنه قيل: عنان السماء، فكأن المراد أنهما اشتركا في شيء عرض، ولم يشتركا في جميع النقود كالمفاوضة. ومن قال بكسر العين قال: إنه مأخوذ من عِنان الدابة، والراكب يصرفه في يد واحدة دون الأخرى(٣)، وهو راجع إلى المعنى الأول؛ لأن المراد به شركة في أمر خاص دون ما سواه، كتصريف(٤) الراكب العنان في يد واحدة دون الأخرى.
  وهذه الشركة لا خلاف فيها وفي صحتها بين العلماء، وإنما الخلاف في الاسم، والمسلمون لم يزالوا يستعملونها في الأعصار(٥) أجمع لا يتناكرونها(٦) ولا يختلفون فيها.
  فأما الاسم فالمحكي عن مالك أنه قال: لا أعرف العنان. وأصحابنا أيضاً لم
(١) الأحكام (٢/ ٩١) والمنتخب (٥٥٤).
(٢) في (د): العنان.
(٣) ويصرف اليد الأخرى كيف شاء، وهذان الشريكان إنما يتصرفان في قدر من المال، [وهو] الذي اشتركا فيه في وجه التجارة، وسائر أموالهما يتصرفان فيه كيف شاءا. (من شرح القاضي زيد). ولفظ شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٢٤٧): فإن الراكب يشغل إحدى يديه بالعنان والأخرى يصرفها كيف يشاء في غيره، كذلك شريك العنان يتصرف من وجه في مال الشركة، ويتصرف مع ذلك لنفسه كيف شاء في غير مال الشركة.
(٤) في (ب): لتصريف. وفي (هـ): كتصرف.
(٥) في (ب، د، هـ): الأقطار.
(٦) في (ب): لا يتناكرون بها.