باب القول في المهور
  ذلك، كل ذلك ليكون ما يحكم به أبعد من الجهالة، فإذا ثبت ذلك وثبت أن التقويم أبعد من الجهالة من مهر المثل للوجوه التي بيناها كان اعتبارنا أولى.
  وأيضاً قد ثبت في أصول الضمانات أن الأولى منها ما كان أبعد من الجهالة؛ لأنه لا خلاف أن من استهلك لغيره شيئاً من ذوات القيم لزمته قيمته؛ لأنها أبعد عن الجهالة من طلب المثل.
  وقلنا: إن القيمة قيمته يوم عقد النكاح لأن المرأة إذاً استحقت بالعقد قيمتها يومئذٍ، فيجب أن توفى ما استحقت.
  يبين ذلك أنا لو لم نجعلها مستحقة للقيمة حين العقد كنا جعلنا العقد معرى من المهر، فكان لا معنى للتقويم بعد ذلك، فسبيلها سبيل من تزوجت على مقدار قيمتها من الدراهم في باب الاستحقاق، فوجب ألا تزاد عليه ولا تنقص منه شيئاً(١).
مسألة: [فيما يرجع إليه في اعتبار مهر المثل]
  قال: ويرجع في اعتبار مهر مثلها إلى مهور نسائها من قبل أبيها.
  وهذا منصوص عليه في المنتخب(٢). نحو أخواتها وعماتها وبنات أعمامها، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وحكي عن مالك، وعن قوم أن الاعتبار بأمها.
  ووجه ما ذهبنا إليه أنها منسوبة إلى أبيها دون أمها، وتشرف بشرف أبيها دون أمها، ألا ترى أن ولد العربي من النبطية عربي، وولد العربية من النبطي نبطي؟ وقد كان كثير من أهل بيت رسول الله ÷ من أمهات الأولاد، فلم يضع ذلك منهم ولا من شرفهم، وقد قال الله تعالى: {اَ۟دْعُوهُمْ لِأٓبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اَ۬للَّهِۖ}[الأحزاب: ٥]، فإذا ثبت أن نسبها من أبيها كان النسب معتبراً في المهر، ووجب أن يكون الاعتبار بنسائها من قبل أبيها، وكل ذلك يوضح ما ذكرناه من
(١) في (أ، د): ولا ينقص منه شيء.
(٢) المنتخب (٢٤٢).