باب القول في الإيلاء
  هو اليمين؛ لأن اليمين لا مدخل لها في إيقاع الطلاق، ولأنها لو كانت توقع الطلاق لوجب أن تطلق المرأة في الحال إذا قال لها: «والله لا أجامعك» من غير ذكر المدة، ولا يجوز أن يكون لانقضاء المدة المحلوف عليها؛ لأن ذلك لو وجب لوجب أن يقع الطلاق بانقضاء ثلاثة أشهر إذا حلف عليها، وبانقضاء سنة إذا حلف عليها، ولأن مرور الزمان لا يوقع الطلاق، فكذلك لا يوجب ذلك انقضاء أربعة أشهر كما لا يوجبه انقضاء ما زاد عليها أو نقص منها، وإذا ثبت ذلك ثبت أن الطلاق لا يقع ما لم يوقعه المالك للبضع.
  فإن قيل: إن مرور الزمان قد يوقع البينونة، ألا ترى أن من طلق امرأته تطليقة واحدة رجعية تبين الزوجة منه بانقضاء زمان العدة، فما أنكرتم أن يكون ذلك سبيل زمان الإيلاء؟
  قيل له: عندنا أن الموقع للبينونة هو الطلاق وإن وقعت بشرط انقضاء زمان العدة، وقد بينا أن ذلك لا يصح أن يقال في اليمين، فلا يصح أن يقال: إن مرور الزمان شرط فيه.
  على أن ما كان إجماعاً لأهل البيت $ أو قولاً لأمير المؤمنين # فلا يجوز عندنا خلافه. على أن الأصل أن النكاح ثابت فلا يرتفع إلا بالدليل، فوضح بجميع ذلك ما ذهبنا إليه.
مسألة: [في امتناع المولي عن الفيء والطلاق]
  قال: فإن أبى ذلك(١) حبسه الإمام وضيق عليه حتى يفيء أو يطلق.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢)، وبه قال الشافعي في أحد قوليه، وله قول آخر، وهو أن الإمام يطلق(٣) عليه إن أبى.
(١) في (أ، ج): فإن امتنع ورأى حبسه الإمام حبسه حتى يفيء أو يطلق.
(٢) الأحكام (١/ ٣٨٧).
(٣) في المخطوطات: يضيق. والمثبت مظنن به في (د)، وهو الذي في تعليق ابن أبي الفوارس. ويدل عليه كلام الإمام #.