باب القول في أدب القاضي
مسألة: [فيما ينقض من أحكام أهل البغي]
  قال: وينقض من أحكام أهل(١) البغي ما لم يوافق الحق، فأما ما وافق الحق فإنه يمضى(٢).
  اعلم أن المراد به - والله أعلم - أحكام مَنْ يكون عدلاً في نفسه وتكون توليته من جهة البغاة، والباغي المتأول(٣) الذي يكون في سائر أحواله عدلاً؛ إذ لا خلاف بين المسلمين أن المظهر للفسق على غير وجه التأويل إذا تولى الحكم بنفسه كان باطلاً، وإنما اختلفوا في المتأول الذي يكون في سائر أحواله عدلاً، وفي العدل المتولي من جهة الظلمة؛ فلذلك حملنا قوله عليه، وقد مضى الكلام في هذا في كتاب الوصية.
  ومما يدل على هذا أنه لم يثبت عن أمير المؤمنين أنه فسخ شيئاً من أحكام البغاة الذين حاربوه وأظهر(٤) جواز فسخه، فبان أن المتأولين(٥) أحكامهم ماضية ما وافق الحق، وإنما ينقض من أحكامهم ما ينقض من أحكام المحقين، إذا وقع فيها الغلط والخطأ الذي يكون رداً للنصوص والإجماع(٦)، وتلك مسائل كثيرة، منها: قول من قال بإسقاط العصبة مع ذوي الأرحام أو ذوي السهام، فلو حكم به حاكم وجب نقض حكمه؛ لأن ذلك إجماع الصحابة لم(٧) يختلف فيه أحد منهم، وكذلك لو حكم حاكم لا يرى القياس بصحة بيع الأرز
(١) «أهل» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٢) الأحكام (٢/ ٣٩٣).
(٣) في (ب، د، هـ): أو المتأول الباغي.
(٤) في (أ، ج): أو أظهر. وفي (ب، د): أو ظهر. والمثبت من (هـ) وشرح القاضي زيد.
(٥) في نسخة من شرح القاضي زيد: المتولي أحكامه ماضية. وفي نسخة منه: المتولين أحكامهم ماضية.
(٦) في (أ، ج): أو الإجماع.
(٧) في (هـ): لا.