باب القول في المزارعة
باب القول في المزارعة
  من دفع أرضه إلى من يحرثها ويزرعها على جزء من الزرع كالنصف أو الثلث أو الربع أو أقل من ذلك أو أكثر كانت المزارعة فاسدة، فإن كان البذر لأحدهما كان الزرع لصاحب البذر، فإن كان هو العامل كان عليه لصاحب الأرض كراء الأرض، وإن كان هو صاحب الأرض كان عليه للعامل كراء مثله(١).
  وبه قال أبو حنيفة، حكاه الكرخي.
  قلنا: وإن كان البذر منهما(٢) كان الزرع بينهما، ووجب على الزراع(٣) نصف كراء الأرض، وعلى رب الأرض نصف أجرة العمل تخريجاً.
  وقال زيد بن علي $: تصح المزارعة على جزء من الخارج. وهو المروي عن جعفر بن محمد، روته الإمامية، وبه قال الناصر، وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد.
  وأما قول الشافعي فهو مثل قولنا إلا ما كان من الأرض في أثناء النخيل.
  والأصل في فساد المزارعة والمساقاة: ما روى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «من استأجر أجيراً فليعلمه أجره، فإن شاء رضي، وإن شاء ترك»(٤).
  والمزارع أجير، وكذلك المساقي؛ لاتفاق من أجازهما أنها(٥) لا تصح إلا بوقت معلوم، فقد دل هذا الخبر على فساد المزارعة والمساقاة لجهالة الأجرة؛ لأنه تضمن إيجاب كون الأجرة معلومة، فمتى لم تكن معلومة وجب الفساد كما نقول مثله في السلم؛ لما روي(٦): «من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن
(١) المنتخب (٥٧٤، ٥٧٦).
(٢) في (أ، ج): بينهما.
(٣) في (ب): الزارع.
(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٩).
(٥) كذا في المخطوطات.
(٦) «لما روي» ساقط من (ب، د، هـ).