باب القول في قضاء الصلوات
  على أن الأصول تشهد لعلتنا؛ لأن(١) الشيء إذا لم يكن واجباً ففعل بعضه لا يوجب سائره، كالصدقة، وقراءة القرآن، والتسبيح، والغزو، وكذلك المعاملات التي تكون بين الناس، فكل ذلك يشهد لسائر ما ذكرناه.
  فأما الحج فإنه ورد حكمه في هذا الباب مخالفاً للأصول، وعند مخالفينا في هده المسألة أن ما ورد بخلاف الأصول فلا يجوز أن يقاس عليه، ولهذا قالوا: إنه لا يقاس على نبيذ التمر سائر الأنبذة، فيجب أن يفسد قياسهم هذا على أوضاعهم.
مسألة: [في أنه لا قضاء على المرأة إذا حاضت بعد دخول وقت الصلاة قبل تضيقه]
  قال: وقال القاسم #: ولو أن امرأة دخل عليها وقت الصلاة فلم تصلها حتى حاضت قبل تصرم وقتها لم يجب عليها قضاؤها.
  وهذا منصوص عليه في مسائل النيروسي، وعلل ذلك بأن قال: لأنها لم تضيع الصلاة.
  فدل ذلك على أن المراد به إذا حاضت قبل مضي الوقت أجمع بمقدار ما يمكن أن تؤدي الصلاة كملاً(٢) أو أكثر من ذلك؛ لأنها إن حاضت بعده تكون قد ضيعت.
  والأصل في ذلك: أن من وجب عليه الشيء عند القاسم وجوباً موسعاً يكون مخيراً بين فعله أو العزم(٣) على فعله في الوقت الثاني أو فيما بعده إلى آخر
(١) في (ب): بأن.
(٢) قوله: «كملاً» المقرر على أصل الهدوية كما هو في التذكرة والشرح أنه إن بقي من الوقت نهاراً ما يسع خمس ركعات فحاضت لم يلزمها القضاء، وإن بقي ما يسع أربعاً فقط قضت الظهر فقط. وإن بقي إلى ما يسع أربعاً في الليل فحاضت فلا قضاء عليها، وإن بقي ما يسع ثلاث ركعات قضت المغرب فقط. وإن بقي من الفجر ما يسع ركعة فحاضت لم تقض، وإلا قضت، والله أعلم. (من هامش ب).
(٣) تصريح بوجوب العزم على من أخَّر الموسَّع عن أول وقته. (من هامش أ).