شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأطعمة

صفحة 445 - الجزء 6

  عام في كل ميتة إلا ما خصه الدليل، وقوله تعالى: {وَلَحْمُ اُ۬لْخِنزِيرِ}⁣[المائدة: ٤] عام في خنزير البر والبحر.

  فإن قيل: قد قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ اُ۬لْبَحْرِ}⁣[المائدة: ٩٨].

  قيل له: الظاهر من ذلك هو الاصطياد، وقوله: {وَطَعَامُهُۥۖ} فهو ما عرفت العادة بتطعمه، ألا ترى أن الطين والحشيش والورق لا يسمى طعاماً على الإطلاق وإن أمكن أكله، لما لم تكن العادة جارية بتطعمه الناس؟ فإذا ثبت ذلك فالعادة لم تجر بتطعم ما في البحر إلا في السمك، فوجب أن لا يتناول الظاهر غير السمك. وقوله ÷: «أحل لكم ميتتان» يدل على ذلك؛ لأنه أباح جنسين من الميتة: أحدهما: الجراد، والثاني: لا بد أن يكون السمك، فثبتت الإباحة فيهما، وما عداهما يكون على التحريم بقوله تعالى: {۞حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اُ۬لْمَيْتَةُ}⁣[المائدة: ٤]. وقوله ÷ في البحر: «هو الطهور ماؤه، والحل ميتته» محمول على السمك لما بيناه.

  فإن قاسوها على السمك بعلة أنه يعيش في الماء قسنا كل جنس منه على جنسه البري، بعلة اشتراكهما في الاسم، نقيس الحية على الحية، والكلب على الكلب، والخنزير على الخنزير، نقيس المائي منها على البري.

  على أن صيد البر فيه المحلل والمحرم، فوجب أن يكون صيد الماء كذلك، والمعنى أن لكل واحد منهما أنواعاً مختلفة جملتها منسوبة إلى مسكنها، فيقال: صيد الماء، وصيد البر.

مسألة: [في أكل الحرشات]

  قال: ويكره أكل كثير من حرشات⁣(⁣١) الأرض، مثل القنفذ ونحوه⁣(⁣٢).

  والأصل فيه: ما روي لنا عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: أتي رسول الله ÷ بجفنة قد أدمت، فوجد فيها خنفساء أو ذباباً⁣(⁣٣)،


(١) في (أ، ب، ج، د): حرشة.

(٢) الأحكام (٢/ ٣١٥) والمنتخب (٢٢٨).

(٣) في المخطوطات: وذباباً. والمثبت هو ما تقدم.