شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن

صفحة 34 - الجزء 3

مسألة: [في الكفاءة]

  قال: والكفء يكون في النسب والدين جميعاً.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)، ومروي فيه عن القاسم #، وقال في الأحكام: «الكفء في الدين والنسب فقط»؛ فدل على أنه لا يراعي غيرهما.

  وجعل زيد بن علي $ الكفء في الدين لا غيره⁣(⁣٢)، وهو قول الناصر #.

  قال أبو حنيفة: الكفء في المال والحسب والدين، وقال أبو يوسف نحوه، وزاد الصناعات، وقال محمد: هو في الحسب والمال، ولم يراع الدين.

  والذي يدل على أن الدين يجب أن يكون مراعى في الأكفاء هو ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»⁣(⁣٣) فراعى ÷ الدين، ولم يأمر بالإنكاح إلا إذا كان⁣(⁣٤) الخاطب ممن يرضى دينه. وأيضاً وجدنا الإنسان يشرف من جهتين: إحداهما: أفعاله، والثانية: أحواله التي هي غير أفعاله، فلما ثبت أن لأعلى الأحوال التي هي غير أفعاله مدخلاً⁣(⁣٥) في الأكفاء - وهو النسب - وجب أن يكون لأعلى الأفعال أيضاً مدخل فيه، وهو الدين، والعلة أنه إحدى جهتي شرفه. على أنا وجدنا الدين له مدخل في إفساد النكاح، فهو الأولى أن يكون معتبراً⁣(⁣٦) به في الأكفاء، ويعضده قول الله تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْماٗ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ اِ۬لْأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ}⁣[الحشر: ٢٢] وقد علمنا أن الإنكاح هو


(١) الأحكام (١/ ٣٣٢).

(٢) في (أ، ج): لا غير.

(٣) أخرجه الترمذي (٢/ ٣٨٦) وابن ماجه (١/ ٦٣٢).

(٤) في (أ، ج): إلا أن يكون.

(٥) في (ج، د): أن أعلى الأحوال التي هي غير أفعاله كان مدخلاً.

(٦) في (د): المعتبر.