شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الصرف

صفحة 200 - الجزء 4

مسألة: [في شراء الدراهم واستيفائها عدداً]

  قال: وإذا اشترى رجل من رجل دراهم لم يجز أن يستوفيها عدداً إلا أن يكون ابتاعها عدداً، فإن كان ابتاعها وزناً لم يجز إلا أن يستوفيها وزناً⁣(⁣١).

  وذلك أن الموزون لا يصح قبضه إلا بالوزن إذا اشتري وزناً، كالمكيل إذا اشتري كيلاً، فإن كان اشتري جزافاً أو عدداً فلا بأس باستيفائه كما ابتاع.

  وذلك لقوله ÷: «من اشترى طعاماً كيلاً فلا يبعه حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري»، هذا إذا كانت الدراهم مشتراة بغير الدراهم، فإن كانت اشتريت بالدراهم فلا يجوز أن يشتري إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل، ولا بد من أن يجري فيه الوزن؛ لأنه لا يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا وزناً بوزن، ولا يجوز جزافاً.

مسألة: [في رد المستقرض أكثر مما استقرض]

  قال: وإذا استقرض رجل من رجل دراهم فرد عليه أكثر من ذلك جاز ذلك لهما إلا أن يكونا اشترطا الزيادة، فإن كانا اشترطاها حرمت⁣(⁣٢).

  وذلك أن الزائد إحسان من المعطي، وليس يكون رباً، ولهذا قال النبي ÷ للوازن: «زن وأَرْجِح»؛ لأن الرجحان كان إحساناً. وأما إن اشترط⁣(⁣٣) ذلك فهو ربا لا خلاف فيه، ويجب أن يكون محرماً؛ لقول الله ø: {وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ}⁣[البقرة: ٢٧٤]، ولقوله ÷: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد، والفضة بالفضة مثلاً بمثل يداً بيد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى».

  فإن قيل: فهلا قلتم: إنه إذا زاد من غير اشتراط الزيادة يكون قد أربى؟


(١) المنتخب (٣٥٢).

(٢) الأحكام (٢/ ٧٤).

(٣) في (هـ): اشترطا.