باب القول في النذر بالحج وما يتعلق به
  ذلك صح ثبت تعليلنا أنه أمر إذا علق بجميع المال تعلق ببعضه، فوجب أن ينصرف إلى الثلث؛ قياساً على الوصية.
مسألة: [فيما يجب على من نذر أن يهدي ولده أو نحوه أو عبده أو فرسه إلى بيت الله]
  قال: ولو أن رجلاً نذر أن يهدي ولده أو أخاه أو أباه أو رجلاً أجنبياً إلى بيت الله سبحانه وجب عليه حمله إليه حتى يغرم عنه ويحج به ويرده إلى أهله، فإن قال: أهدي عبدي أو أمتي أو فرسي باعه واشترى بثمنه هدايا يتصدق بها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  إذا قال الرجل: «أنا أهدي فلاناً - لرجل حر -» فلا شيء فيه عند أبي حنيفة والشافعي، وفي قول مالك أنه يهدي عنه هدايا، وحكى ذلك عن الزهري، وحكي عن الحسن بن صالح مثل قولنا.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن قول الرجل: «أهديت كذا إلى كذا» يقتضي إيصال المهدى إلى المهدى إليه من جهة اللغة، فلما كان ذلك كذلك كان قول القائل: «علي أن أهدي فلاناً إلى بيت الله» يقتضي إيجاب إيصاله إلى بيت الله تعالى، وذلك مما تتعلق به القربة، لا خلاف فيه.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «من جهز حاجاً أو خلفه في أهله كان له أجر مثله»(٢).
  فلما كان ذلك على ما بيناه لزمه الوفاء به، ولا وجه لأن نجعل هذا اللفظ هذراً؛ لأنه قد أفاد معنى تتعلق به القربة؛ دليله سائر النذور، ولا وجه أيضاً لحمله على الهدي عنه؛ لأن اللفظ لا يقضي به، وإنما يقتضي حكماً في نفس من قيل فيه: إنه يهدى.
(١) الأحكام (١/ ٣٠٦).
(٢) أخرجه المرشد بالله (١/ ٣٥١) والطبراني في الكبير (٥/ ٢٥٦) والبيهقي في الشعب (٦/ ٢٧).