باب الصرف
  يصرفا ما في الذمم من الدراهم بالدنانير والدنانير بالدراهم إذا وفى كل واحد منهما صاحبه ما وجب له عليه قبل افتراقهما(١).
  ووجهه: ما قد مضى، وذلك إذا لم يكن ما في ذمتهما من ثمن الصرف على ما بيناه.
  فإن قيل: فهلا منعتم من ذلك لأنه بيع الدين بالدين، وقد نهى النبي ÷ عن الكالئ بالكالئ(٢).
  قيل له: ليس هذا من الدين بالدين، وذلك أن ما في الذمتين في حكم المقبوض من كل واحد منهما؛ ألا ترى أن كل واحد منهما لا يحتاج إلى تجديد قبض لتمام(٣) هذا الصرف؟ فقد بان أنه بيع المقبوض بالمقبوض إما تحقيقاً وإما حكماً، وليس هو(٤) بيع الدين بالدين، وإنما الكالئ [بالكالئ](٥) هو أن يبيع الرجل من رجل شيئاً نسيئة ثم يسلم ذلك الثمن الذي في ذمته في شيء آخر، فيكون قد باع ديناً بدين، ولا يجوز ذلك؛ لأنه من الكالئ بالكالئ، ونظائره كثيرة.
مسألة: [في أنه يجوز أن يشترى ببعض الدينار ذهب مثله وبباقيه دراهم]
  قال: ولو أن رجلاً دفع إلى رجل ديناراً فاشترى منه ببعضه ذهباً مثله وبعضه دراهم بقيمته كان ذلك جائزاً(٦).
  وهو صحيح؛ لأنه باع ذهباً بذهب مثلاً بمثل، وذلك جائز؛ لقوله ÷: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد»، وباع بالبعض منه دراهم، وقد قال #: «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم يداً بيد».
  وهذه الجملة لا خلاف فيها؛ ومن شرط صحة ذلك أن يقع التقابض في المجلس قبل التفرق على ما بيناه فيما تقدم.
(١) المنتخب (٣٥١، ٣٥٢).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٤٧٤) والدارقطني في السنن (٤/ ٤٠).
(٣) في (ب، د): بتمام.
(٤) في (هـ): من.
(٥) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.
(٦) المنتخب (٣٥٤).