شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الأشربة

صفحة 468 - الجزء 6

  أن أبا حنيفة لا يخالف في تكفير من أنكر وجوب واحدة من الصلوات الخمس، ثم لا يكفر من أنكر وجوب الوتر؛ للوجه الذي بيناه؟ فكذلك مسألة الخمر، ألا ترى أن ذلك لا يمنع عنده من أن يجمع الوتر والصلوات الخمس اسم الوجوب؟ وكذلك لا يكفر من استجاز أكل ما قتله الكلب⁣(⁣١) وإن أكل منه، وإن كان يكفر من استجاز⁣(⁣٢) أكل ما قتله الذئب، وما أشبه ذلك، ونظائره أكثر من أن تعد وتحصى.

مسألة: [في أن ما أسكر كثيره فالقليل منه حرام وما لم يسكر كثيره فهو حلال]

  وكل شراب أسكر كثيره فالقليل منه حرام، وما لم يسكر كثيره فهو حلال⁣(⁣٣).

  وهو رأي أهل البيت لا أحفظ عنهم فيه خلافاً، وبه قال مالك والشافعي، وقد اختلف غيرهم من العلماء فيما يحل ويحرم من المسكر اختلافاً كثيراً، إلا أنا إذا دللنا على صحة قولنا بطل قول جميع من خالفنا فيه وثبت أن كل مسكر حرام، وأحد الطرق في تحريمها ما مضى في المسألة التي قبلها من أن اسم الخمر يتناول جميعها، فثبت فيها التحريم بقوله تعالى: {فِيهِمَا إِثْمٞ كَبِيرٞ}⁣[البقرة: ٢١٧]، وقوله {فَاجْتَنِبُوهُ}⁣[المائدة: ٩٢]، وقوله ÷(⁣٤): «كل مسكر خمر»، وما روي عن ابن عمر وغيره.

  والطريقة الثانية: الأخبار الواردة في كل ما أسكر كثيره منها فقليله حرام، منها⁣(⁣٥): حديث زيد بن علي من طريق الناصر عن آبائه عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «ما أسكر كثيره فقليله حرام».

  وعن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: نهى رسول الله ÷ عن كل


(١) لفظ شرح القاضي زيد: ويكفر مستحل ما قتله الذئب، ولا يكفر من يجيز ما قتله الذئب.

(٢) في (ب، د، هـ): يستجيز.

(٣) المنتخب (٢٢٩).

(٤) في (ب، د، هـ): وقول النبي ÷.

(٥) «منها» ساقط من (أ، ب، ج، د).