شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في رجوع الواهب في هبته

صفحة 481 - الجزء 4

  قال: فإن وهب على العوض طالب بالعوض إن كان معلوماً، وإن كان مجهولاً فالهبة فاسدة يرجع فيها ما دامت قائمة بعينها، وفي قيمتها بعد استهلاكها⁣(⁣١).

  قد ثبت أن الهبة على العوض جارية مجرى البيع؛ لذلك أوجبنا فيها الشفعة، وأن العوض كالثمن، وكما أن للبائع أن يطالب المشتري بالثمن كان للواهب أن يطالب الموهوب له بالعوض إن كان معلوماً، فإن كان مجهولاً فيجب أن تكون الهبة فاسدة كفساد البيع بجهالة الثمن، فإذا فسدت الهبة كان للواهب الرجوع فيها إن كانت قائمة، وفي قيمتها إن كانت تالفة، كما يجوز للبائع بيعاً فاسداً أن يرجع في المبيع وينقضه إن كان المبيع قائماً، أو في قيمته إن كان تالفاً.

مسألة: [في الرجوع في هبة الدين]

  قال: وكل من وهب ديناً له على رجل لم يجز له الرجوع فيه⁣(⁣٢)؛ إلا أن يهبه على عوض مجهول فله الرجوع فيه تخريجاً.

  وذلك أن الدين في حكم المستهلك؛ لأنه ليس بعين قائمة، وإنما هو شيء في الذمة، فليس له الرجوع فيه؛ لأن ما صح الرجوع فيه لقيام عينه يبطل الرجوع إذا علم باستهلاكه ثم لم يطلب في الحال على ما سلف القول فيه، فأولى ألا يثبت حق الرجوع فيما هو يوم الهبة في حكم المستهلك.

  وقلنا: إلا أن يكون على عوض مجهول لأنه يصير في حكم البيع، فكما أن من باع شيئاً في ذمته⁣(⁣٣) بثمن مجهول يكون البيع فاسداً كذلك من وهب شيئاً في ذمته⁣(⁣٤) بعوض مجهول كانت الهبة فاسدة.


(١) على قياس قول يحيى #. (من شرح القاضي زيد).

(٢) الأحكام (٢/ ١٤٤) والمنتخب (٥٣٥).

(٣) كذا في المخطوطات. وفي شرح القاضي زيد: ذمة.

(٤) كذا في المخطوطات.