شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في النفاس

صفحة 382 - الجزء 1

  محدود؛ إذ في الخبرين المتقدمين: «إلا أن ترى الطهر قبل ذلك» فأشار إلى رؤية الطهر من غير اعتبار الدم المتقدم عليه.

  يوضح ما قلناه أن المقادير التي هذه سبيلها لا تؤخذ إلا عن التوقيف أو الإجماع، ولا توقيف فيما زاد على الأربعين ولا إجماع، فوجب سقوط القول به.

مسألة: [في النفساء إذا انقطع عنها الدم ثم عاودها في الأربعين]

  قال: ولو أن امرأة نفست وطهرت ثم عاودها الدم في الأربعين فهو نفاس، فإذا⁣(⁣١) كان الذي تخلل بين الدمين طهراً صحيحاً فالدم الثاني ليس بنفاس، وهو حيض أو استحاضة على ما تدل عليه العاقبة، وإن لم يكن طهراً صحيحاً كان الأربعون نفاساً.

  قد نص في المنتخب⁣(⁣٢) على أن معاودة الدم في الأربعين لا تخرج الطهر من أن يكون طهراً صحيحاً، ونص فيه على أن الدم الثاني يكون حيضاً.

  وقلنا: إنه يجوز أن يكون استحاضة تخريجاً؛ لأن مذهبه أن الدم في وقت الإمكان يجوز أن يكون حيضاً ويجوز أن يكون استحاضة.

  والذي يدل على أن الدم المعاود بعد طهر صحيح لا يكون نفاساً قول النبي ÷: «تقعد النفساء أربعين يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك» فاستثنى رؤية الطهر من النفاس، فوجب ألا يحكم لها بالنفاس بعد الطهر.

  فإن قيل: إن الدم المعاود في مدة أكثر الحيض يكون حيضاً، فكذلك الدم المعاود في مدة أكثر النفاس يجب أن يكون نفاساً.

  قيل له: إنما وجب في الدم المعاود في مدة أكثر الحيض أن يكون حيضاً لتعذر حصول الطهر الصحيح فيها؛ ألا ترى أن أكثر الحيض عشر عندنا، وهو عندنا أقل الطهر؟ وإذا كان ذلك كذلك لم يجب أن يكون سبيل النفاس في هذا سبيل الحيض.

  فأما إذا عاود الدم في الأربعين بعد طهر يكون دون العشر فيجب أن يكون


(١) في (ب، ج): فإن.

(٢) المنتخب (٦٨).