باب القول في زكاة المواشي
  على أن الوقص بعد النصاب مقيس على الوقص قبله؛ بعلة أنه وقص فوجب ألا يجب فيه شيء. على أن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى خلاف موضوع الزكاة؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون تزايد المال يوجب تناقص الزكاة؛ ألا ترى أن الواجب في أربعين شاة شاة، فلو قلنا: إن الشاة مأخوذة عن الثمانين لكان ذلك يقتضي أن الواجب في الأربعين صار نصف شاة لما تزايدت الغنم، وموضوع الزكاة يوجب زيادة المأخوذ بزيادة المال، فوضح ما قلناه.
مسألة: [في أن المصدق يعد صغار الماشية وكبارها]
  قال: ويعد المصدق ما سرح من الماشية في المرتع وتقرم من صغارها وكبارها، إبلها وبقرها وغنمها.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  ولا خلاف في أن صغار الماشية تعد إذا كانت مع أمهاتها، والخلاف إذا تلفت الأمهات وبقيت الأولاد، فإن أبا حنيفة ومحمداً يذهبان إلى أنها لا تعد إذا تلفت الأمهات، وإطلاق يحيى # ما أطلق يدل على أنه يوجب عدها على الأحوال كلها، وكذلك ما حكاه أبو العباس الحسني في النصوص عن أصحاب القاسم # أنهم رووا عنه فيمن له خمسة فصلان أنه يؤخذ منها واحد، تصريح(٢) لإيجاب عد صغار الماشية على الأحوال كلها.
  والأصل في ذلك: ما روي عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي # عن النبي ÷ في الصدقة: «يعد صغيرها وكبيرها»(٣)، فاقتضى ظاهر قوله أن يكون الصغير معدوداً على أي حال كان.
  فإن قيل: قوله ÷: «يعد صغيرها وكبيرها» يوجب أن يعد الصغير
(١) الأحكام (١/ ١٦٩).
(٢) في (أ، ب، ج): تصريحاً.
(٣) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٤/ ١٦).