باب القول في اللعان
  متى لم تأت بما يدرأ عنها الحد؟ على أنا وجدنا اللعان حكماً يختص الزوجين، فلم يجب أن يكون له تأثير في غيرهما، كالظهار والإيلاء والطلاق.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «ادرءوا الحدود بالشبهات».
  قيل له: هاهنا لا شبهة فتوجب درء الحد.
  وقلنا: إن المقذوف لو ادعى الولد لم يثبت نسبه منه لأنه يكون مدعياً له من زنا، وقد قال ÷: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»(١).
  وقلنا: إن حده يسقط عن القاذف لأنه يكون قد صدقه في قذفه، فلا يجب أن يحد له.
مسألة: [في رجوع الملاعن عن نفي الولد بعد موت الولد]
  قال: وإذا لاعن الرجل زوجته وانتفى(٢) ولده ثم مات الولد واقتسم ميراثه ثم أكذب الرجل نفسه وادعى الولد لم يرجع على الذين اقتسموا ميراثه بشيء، ولو كانت المسألة بحالها وكان لابن الملاعنة ولد اعتزى إلى جده وثبت نسبه منه.
  وجميعه منصوص عليه في المنتخب(٣)، وبه قال أبو حنيفة.
  وقال الشافعي: يثبت نسبه ويرثه أبوه.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه إذا مات فلا حكم يتعلق بنسبه إلا الإرث؛ لأن إكذاب الرجل نفسه وإقراره بالولد لم يتضمن سوى ادعاء المال، وقد ثبت أن الإنسان لا يستحق شيئاً من الأموال بادعائه، وقال ÷: «لو أعطي الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم»(٤).
(١) أخرجه البخاري (٣/ ٥٤) ومسلم (٢/ ١٠٨٠).
(٢) في نسخة في (د): ونفى.
(٣) المنتخب (٢٨٨).
(٤) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٣٦).