باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
  على ما ادعوه فوجه المسألة ما ذكرناه(١) أولاً، وفيه نظرٌ.
  وقلنا: نصف الدية على عاقلة الصبي لأن عمد الصبي خطأ، وأحد قولي الشافعي أن عمده عمدٌ، وذلك لا معنى له؛ لأنا إنما نريد أنه في الحكم كذلك، لا أنا نريد أن الصبي لا قصد له، فإن القصد أيضاً قد يكون للمجنون، وقد قال ÷: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى ينتبه».
مسألة: [في المتواثبين بالسلاح يقتل أحدهما صاحبه ويصيب القاتل من المقتول جراح]
  قال: ولو أن رجلين تواثبا بالسلاح فقتل أحدهما صاحبه، وأصابه من المقتول ضربات أذهبت عينيه(٢)، وقطعت أنفه ويديه - كان ورثة المقتول بالخيار: إن شاءوا قتلوا القاتل وأعطوا دية عينيه(٣) وأنفه ويديه، وإن شاءوا تركوا القاتل وحاسبوه(٤).
  وهذا مبني على أن لولي الدم الخيار بين القتل وأخذ الدية، وسنبين الكلام فيه فيما بعد، فإذا ثبت ذلك فوجه المسألة أن كل واحد منهما قد جنى على صاحبه، فيجب أن يقع استيفاء موجب الجناية من الوجهين، ويجب ما لزم للقاتل المقتول(٥) في مال المقتول إن كان له مال، وإلا كان هدراً، كمن يموت [مفلساً](٦) وقد قتل قتيلاً عمداً أو شجه آمة أو جرحه جائفة عمداً؛ لأن الذي يجب في ماله، وقد مات مفلساً لا مال له، فيكون هدراً.
(١) في (أ، ج): على ما ذكرناه.
(٢) في (أ، ب، ج، د): عينه.
(٣) في (أ، ب، ج، د): عينه.
(٤) المنتخب (٥٩٨).
(٥) ولفظ شرح القاضي زيد: قال السيد المؤيد بالله في الشرح: إن ما لزم المقتول من الديات للقاتل يلزم في ماله إن كان.
(٦) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.