باب القول في السلم
مسألة: [في إسلام مكيل في موزون من جنسين والعكس]
  قال: ولا بأس أن يسلم ما يكال فيما يوزن، أو ما يوزن فيما يكال، ولا يجوز أن يسلم ما يكال فيما يكال، أو ما يوزن فيما يوزن، خلا الذهب والفضة فإنهما يسلمان في الموزون وغيره(١).
  ما قلناه من أنه يجوز أن يسلم ما يكال فيما يوزن وما يوزن فيما يكال المراد به إذا كانا من جنسين، فأما إذا كانا من جنس واحد لم يجز ذلك، كأن يسلم خبز الحنطة في الحنطة، أو خبز الأرز في الأرز، وما جرى مجراهما؛ لأن عندنا أن حصول أحد وصفي علة الربا يمنع النسأ ويجيز التفاضل على ما مضى في باب بيع الأجناس بعضها ببعض؛ ولهذا لا نجيز بيع ثوب بثوب أو ثوبين نسأ إذا كانت من جنس واحد، والجنسية أحد وصفي علة الربا، وقد استوفينا الكلام فيه وأوضحنا الخلاف، فلا وجه لإعادته.
  وكذلك ما يوزن لا يجوز أن يسلم فيما يوزن، ولا ما يكال فيما يكال؛ لحصول أحد وصفي علة الربا، وهو الوزن أو الكيل، فأما الذهب والفضة فقد بينا فيما مضى أنه يخصهما بالاتفاق، أو تزيد في العلة على ما(٢) لا يشتمل على الذهب والفضة على ما سلف القول فيه.
مسألة: [في السلم في الفواكه]
  قال: ولا بأس أن يسلم في الفواكه الرطبة واليابسة، وما لم يبق منها ومن غيرها إلى الحول أجمع جاز فيه السلم إذا كان أجله إلى الوقت الذي يوجد ذلك فيه، فإن كان غير ذلك الوقت بطل السلم(٣).
  أما الفواكه اليابسة التي لا تتفاوت أحوالها ويمكن ضبطها فعند أبي حنيفة:
(١) الأحكام (٢/ ٥٦) والمنتخب (٣٤٩).
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) المنتخب (٤٠٨).