باب القول في الظهار
  ألا ترى أنا نجيز بيعه في الدين ولغيره من الضرورات؟ فإذا كان ذلك كذلك جرى عتقه مجرى عتق سائر الأرقاء في أنه يجب أن يكون مجزئاً في الكفارة.
مسألة: [في ظهار الكافر]
  قال: ولو أن كافراً ظاهر من امرأته لم تلزمه الكفارة تخريجاً، وهذا مما دل كلامه عليه في الأحكام، وهكذا خرجه أبو العباس الحسني | في النصوص، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يصح ظهاره.
  ووجه: ما ذهبنا إليه: أن الكفارة لا تصح من المشرك؛ لأن من شرط أدائها الإيمان، فإذا ثبت ذلك وجب أن يكون قوله لزوجته: «أنت عليَّ كظهر أمي» لا يوجب تحريماً ترفعه الكفارة، فوجب ألا يكون ذلك ظهاراً ولا تلزمه الكفارة، دليله لو قال لأجنبية أو لأمته، ألا ترى أن ذلك لما لم يوقع تحريماً ترفعه الكفارة لم يكن ظهاراً؟ وإذا قاله(١) المسلم لزوجته ووقع به تحريم ترفعه الكفارة كان ظهاراً؟
  على أن الأصل ألا ظهار، وأن(٢) الكفارة غير واجبة(٣)، وأن الوطء غير محرم. وقد قال الله تعالى: {اِ۬لذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم}[المجادلة: ٢] فجعل الخطاب لنا دون المشركين، على أن قوله بعد ذلك: {مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمْۖ [إِنْ أُمَّهَٰتُهُمْ إِلَّا اَ۬لَّٰٓئِے وَلَدْنَهُمْۖ](٤)} قد علمنا أن المشرك والمسلم فيه سواء، فلم يبق لتخصيصنا بقوله تعالى: {اِ۬لذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِنكُم} فائدة إلا تخصيصنا بحكمه.
(١) في (ج): قال.
(٢) في (ج، د): فإن.
(٣) في (ج، د): لازمة.
(٤) ما بين المعقوفين من (أ).