شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في القسمة

صفحة 383 - الجزء 4

  يقضى⁣(⁣١) على صاحب الأرض بتسليم ما تساقط إليها من ثمر النخيل لأنه يملكه، والمالك أولى بما ملك، ويقضى على صاحب النخلة بقطع ما أشرف على أرضه من فروعها أو رفعه لأن من ملك أرضاً كان أولى بهوائها إلى حيث انتهى، ليس لأحد أن يتصرف فيه ببناء ولا غيره، وهذا مما⁣(⁣٢) لا خلاف فيه.

مسألة: [في بيع ماء الأنهار والعيون وقسمته]

  قال القاسم #: ولا بأس ببيع الماء في العيون والأنهار وقسمته بين الشركاء.

  أما قسمة الماء بين الشركاء فظاهر⁣(⁣٣) بين المسلمين لا يتناكرونها ولا يتدافعونها، فلا وجه لإنكار منكرها، على أن التعديل فيه ممكن بالأجزاء كما يمكن فيما يكال ويوزن، [ولأن قسمته بين الشركاء لو كانت برضا جماعتهم جازت، فكذلك إذا رضي بعضهم وأبى الباقون؛ دليله ما يكال ويوزن]⁣(⁣٤) والعلة أن التسوية والتعديل بالأجزاء فيه ممكن من غير إضرار فيه بأحد الشركاء، فإذا صحت القسمة فيه بما بيناه وجب أن يصح البيع؛ لأنا قد بينا أن القسمة تضمن معنى البيع.

  فإن قيل: إنه مجهول فلا يصح بيعه.

  قيل له: بل معلوم القدر فيما تمس إليه الحاجة وما يضبط به مثله؛ لأنه يجوز أن يضبط بالمجرى والأوقات التي يجري فيها وإن لم تضبط مقادير أجزائه، كما أن المكيل والموزون يضبطان بالكيل والوزن وإن جهلت مقادير أجزائه، بل مقادير حباته، وكذلك الثياب تضبط بالذرع والأرضون بالحدود والمساحة وإن جهلت مقادير أجزائها، فكذلك الماء مضبوط بما بينا، فيجب أن يصح بيعه ولا يفسد من هذه الجهة.


(١) في (أ، ج، هـ): ويقضى.

(٢) في (أ، ب، ج، هـ): ما.

(٣) كذا في المخطوطات.

(٤) ما بين المعقوفين من شرح القاضي زيد.