باب القول في المهور
  الطلاق كله، فأما إن سمي مهر المثل وفرض فإنه لا يسقطه عندنا الطلاق، بل يجب نصفه.
  فإن قيل: فإن هذه التسمية ملحقة بالعقد، وقد بطل العقد، فوجب أن يبطل ما ألحق به.
  قيل له: وما في أنها ملحقة بالعقد ما يوجب بطلانه ببطلان العقد، ألا ترى أن المسمى مع العقد تعلقه بالعقد أوكد من تعلق الملحق به، ولم يجب أن يبطل المسمى مع العقد لبطلان العقد؟ فوجب أن لا يبطل الملحق بالعقد لبطلان العقد. على أنا وجدنا الطلاق من شأنه أن يقرر نصف ما يقرره الموت والدخول، فكما أن المسمى بعد العقد يقرره الموت والدخول وجب أن يكون الطلاق يقرر نصفه.
مسألة: [فيما يجب من المهر إذا مات أحد الزوجين بعد تسمية المهر]
  قال: وإذا تزوجها على مهر معلوم فمات أحدهما قبل الدخول أو بعده وجب المهر كاملاً.
  نص في المنتخب(١) في مسألة الصغيرين إذا زوجهما أبواهما وهما طفلان راضعان فمات الصبي أن المهر يلزم.
  ونص في الفنون(٢) على أن موت المرأة قبل الدخول يوجب المهر، وهذا مما لا أحفظ فيه خلافاً إلا عن الناصر #، فقد حكي عنه أنه كان يشبه الموت بالطلاق، ويوجب بالموت نصف المهر كما يوجب بالطلاق، والإجماع يحجه ويعترض قوله؛ لأن الصدر الأول اختلفوا فيمن مات ولم يفرض ولم يدخل، فأما من مات وقد فرض فلم يختلفوا فيه.
  ويدل على ذلك أن عقد النكاح عقد مؤبد، ومعنى قولنا: «مؤبد» أنه باق إلى
(١) المنتخب (٢٣٩).
(٢) الفنون (٦٤٢).