باب القول في القصاص
مسألة: [في الجماعة يقتلون رجلاً عمداً فيعفو ولي الدم عن بعضهم]
  قال: ولو أن جماعة قتلوا رجلاً عمداً فعفا ولي الدم عن بعضهم لم يكن له أن يقتل الباقين، وله أن يأخذ من كل واحدٍ من الباقين ديةً ديةً(١).
  وعند الشافعي وأبي حنيفة: له أن يقتل الباقين(٢).
  ووجهه: أن دم القتيل قد دخله العفو فوجب أن يبطل القود بعده، كما أن واحداً من الورثة لو عفا عن نصيبه من القاتل بطل القود بعده لدخول العفو فيه.
  فإن قيل: العلة في ذلك أن دم المقتول قود(٣) فلا يصح تبعيضه، فإذا دخله العفو سقط القود(٤).
  قيل له: لا يمتنع أن يكون ما ذكرتم علة، إلا أنها لا(٥) تمنع صحة علتنا، فنقول بالعلتين جميعاً. ويوضح ذلك أنه لا بد من اعتبار حال دم المقتول أولاً، ألا ترى أنه إذا دخلته شبهة أو بعضه سقط القود إذا كان القاتل حراً مسلماً، فبان بذلك صحة علتنا.
  فأما إيجاب أن تؤخذ من كل واحد منهم دية فقد مضى وجهه.
  قال: فإن قتل بعضهم ثم عفا عن الباقين صح ذلك.
  وهذا ما لا خلاف فيه، ولأن القتل لم يقع بعد العفو فلم يكن فيه قود، ولم يكن فيه تعدٍ، ولم يكن قود عن دم دخله العفو، فصح ذلك.
(١) المنتخب (٥٩٧، ٥٩٨).
(٢) وهو المذهب كما في الأزهار.
(٣) لفظ شرح القاضي زيد: فإن قيل: المعنى فيه أن دم المقتص منه لا يصح تبعيضه، فإذا دخله العفو سقط القود.
(٤) في مسألتنا لم يحصل العفو في دم واحد، ودم كل قاتل غير دم الآخر. (من شرح القاضي زيد).
(٥) «لا» ساقط من (أ، ج).