باب القول في العتق على الشرط
مسألة: [في قول الرجل: أول ما تلده جاريتي حر]
  قال: ولو أن رجلاً قال: «أول ولد تلده جاريتي فهو حر» فولدت اثنين في بطن معاً عتقا معاً، إلا أن يكون نوى الأول من الاثنين إن كانا في بطن فله نيته(١).
  ووجهه: أن الأيمان محمولة على العرف، والعرف في هذا أن الإنسان يريد به(٢) ما تضعه المملوكة في البطن الأول، وليس يريد الترتيب؛ إذ ليس في العادة ولادة التوأمين، وإنما يقع ذلك في الندرة، فأما العادة فما ذكرناه، وإياها يتناول العرف؛ فلذلك قال: إن العتق يقع على ما تضع في البطن الأول واحداً كان أو اثنين إلا أن يكون نوى الأول منهما في الوضع، فإن كان نوى ذلك فله نيته، وذلك أن النية أقوى من العرف على ما سنبينه من بعد في كتاب الأيمان، والله أعلم.
مسألة: [في قول الرجل: من بشرني بكذا فهو حر]
  قال: ولو أن رجلاً قال: «من بشرني بكذا فهو حر» فبشره به عبد من عبيده ثم أتاه بعد ذلك عبد آخر فبشره به كان الأول حراً دون الثاني(٣).
  وذلك أن البشارة اسم لما يقع التبشير به أولاً، ثم ما يرد بعده من الأخبار لا يسمى بشارة إذا كان الخبر الأول قد استقرت صحته في النفس، يبين ذلك أن الخبر الذي يرد بعد ذلك بمدة طويلة لا يسمى بشارة، والعلة فيه أنه ورد والخبر المتقدم(٤) قد أفاد فائدته؛ فلذلك الخبر الثاني لا يكون بشارة؛ لأنه ورد والخبر الأول قد أفاد فائدته، وإذا كانت البشارة هي الخبر الأول فالمبشر ما أتى به دون ما سواه.
(١) الأحكام (٢/ ٣٤١).
(٢) «به» ساقط من (أ، ج).
(٣) الأحكام (٢/ ٣٤٩).
(٤) في (ب، د): الأول.