باب القول في أهل دار الحرب يسلمون أو يسلم بعضهم أو يقبلون الذمة
  فيقع بلا عوض، كما أنه لو كان حراً أو عبداً له ملكه من غير هذا الوجه لم يستحق على قتله عوضاً(١).
  قال: فإن كان في بطنها ولد انتظر وضعها ما في بطنها، ثم تقتل إذا أقامت على الردة(٢).
  وذلك أن كل امرأة استحقت القتل - لأي وجه استحقته من قتل نفس بغير نفس، أو زنا بعد إحصان - فإنها لا تقتل إذا كان ولدها في بطنها؛ لأنه يؤدي إلى قتل من لا يستحق القتل، فينتظر وضعها، ثم تقتل، وهذا مما لا خلاف فيه عند من يرى قتل المرتدة؛ لأن الحرة لو ارتدت أيضاً وهي حامل كان هذا حكمها.
مسألة: [فيمن يقبل الذمة من أهل الحرب وفي يده أرقاء مسلمون لأهل الإسلام]
  قال: ولو أن قوماً من أهل الحرب قبلوا الذمة والتزموا الجزية وفي أيديهم أرقاء مسلمون لأهل الإسلام قيل لأربابهم من المسلمين: إن أحببتم افتديتموهم بقيمتهم، فإن فعلوا وإلا أمر الذين هم في أيديهم ببيعهم من ساعته؛ لأنه لا يجوز أن يملك ذمي مسلماً(٣).
  وذلك أنهم قد ملكوهم في حال حربهم، فإذا دخلوا في الذمة لم يزل ملكهم، كما لا يزول لو أسلموا عليهم، إلا أنهم لا يخلى بينهم وبين الاستمرار على تملكهم، فإن اختار الذين كانوا أربابهم أن يأخذوهم بالقيمة كانوا أولى بهم، كما نقول فيمن وجد ماله الذي غلبه عليه أهل الحرب بعد القسمة: إنه أولى به بالقيمة، وإن لم يختاروهم كلف الذين دخلوا في الذمة بيعهم من سائر من يشتريهم من المسلمين كما يلزم الذمي بيع ما يملكه من العبد المسلم، وهذا مما لا خلاف فيه.
(١) في (أ، ج): عوض.
(٢) الأحكام (٢/ ٤١٠).
(٣) الأحكام (٢/ ٤١١).