شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الذين لا توارث بينهم

صفحة 112 - الجزء 6

  وهذا المراد به إذا لم يخلف وارثاً سواه وكان المال جهته بيت المال، وقد بين ذلك يحيى # في الأحكام.

  ووجهه: أن المال إذا لم يحز وأعتق المملوك كان هو كواحد من المسلمين يتعلق حقه بذلك، ويحصل له مزية الرحم، فيجب أن يكون هو أولى بمال الميت من سائر المسلمين؛ لأنه واحد منهم، وقد تعلق حقه به، وحصلت له مزية الرحم، فوجب أن يحوز المال دون بيت المال، ومثل هذا نقول في المسلم إذا وجد في غنائم المشركين ماله بعينه: إنه يكون أولى به قبل القسمة؛ لأنه واحد من المسلمين وتحصل له مزية الملك.

  فأما إذا كان له وارث سواه فإنه لا يستحق شيئاً إذا أعتق بعد موته؛ لأنه إذا مات صار المال ملكاً للوارث، وبهذا قال في نصراني أسلم بعد موت أبيه المسلم بساعة: لا حق له في الميراث؛ لأن الميراث يصير ملكاً لغيره من الورثة ساعة موت الميت، وذكر يحيى بن الحسين # في الأحكام أنه روي عن أمير المؤمنين في مثله أنه اشتراه بمال الميت ثم أعتقه وورثه باقي المال.

مسألة: [في مال المملوك إذا مات بعد عتق نصفه وفيما يرث إذا مات قريب له حر]

  قال: وإذا عتق نصف المملوك ثم مات كان نصف المال لمولاه، ونصفه لورثته، وإن مات له قريب حر ورث نصف نصيبه لو كان حراً⁣(⁣١).

  وهذا له أحد الوجهين: إما أن يكون أراد به المكاتب الذي أدى نصف كتابته؛ لأن حكمه في باب الإرث وغيره يكون حكم من عتق نصفه وإن كان هو في الحقيقة عنده⁣(⁣٢) مملوكاً، أو يكون أراد أن يبين الحكم على قول من يجوز أن يكون نصف العبد حراً ونصفه مملوكاً؛ لأن ذلك لا يصح على مذهبه على ما بيناه في كتاب العتق.


(١) الأحكام (٢/ ٢٧٨).

(٢) في (هـ): عبداً.