باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات
  كان ذلك شاهداً لقياسنا؛ لأنه لما لم يكن إتلاف حيوان يوجب(١) عليه إتلاف حيوان وجب أن تراعى فيه القيمة، وكذلك لما لم يكن الضمان ضمان الكفارات وجب أن تراعى فيه القيمة.
فصل: [في أن عدل الشاة إطعام عشرة مساكين أو صيام عشرة أيام]
  فإذا ثبت ما ذكرناه من أن الاعتبار في الجزاء مماثلة الخلقة قلنا: من لزمته شاة وأراد العدول عنها إلى الصيام صام عشرة أيام، وإن أراد العدول عنه إلى الإطعام أطعم عشرة مساكين؛ لأن الله تعالى قال: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي اَ۬لْحَجِّ فَمَا اَ۪سْتَيْسَرَ مِنَ اَ۬لْهَدْيِۖ}[البقرة: ١٩٥]، وقد علم أن أدناه شاة، لا خلاف في ذلك، ثم قال تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِے اِ۬لْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۖ}[البقرة: ١٩٥]، وقيل في التفسير: كاملة في معادلة الشاة، ثم جعل تعالى في كفارة الظهار بدل كل يوم من الصيام إطعام مسكين بقوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَنْ يَّتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناٗۖ}[المجادلة: ٤]، وهكذا وردت السنة في كفارة شهر رمضان، ولا خلاف في فدية صوم رمضان أن إطعام مسكين يقوم مقام صيام يوم، فلذلك قلنا: إنه إن عدل عن الصيام إلى الإطعام أطعم عشرة مساكين.
  فإن قيل: فهلا اعتبرتم بصيام فدية الأذى وإطعامه(٢)؟
  قيل له: أما الإطعام فلا خلاف أن الاعتبار فيه ما اعتبرناه؛ لأن الجميع على اختلافهم في أحكام الجزاء لم يختلفوا أن صيام يوم وإطعام مسكين يقوم كل واحد منهما مقام صاحبه، فلا سؤال علينا فيه.
  وأما صيام الفدية فهو أيضاً مما لم يعتبره أحد في بدل الشاة إلا في الموضع الذي ورد فيه النص. على أن فدية الأذى ورد حكمها مخالفاً لحكم الأصول؛
(١) في (أ، ج): وجب.
(٢) في (ج، د): وطعامه.