باب القول في الرضاع
  ووجه ما ذكره في المنتخب من أنها لا تحل لزوجها الذي أرضعت بلبنه: هو أن المرضع صار ولداً على ما بيناه في لبن الفحل، وقد قال الله تعالى: {وَحَلَٰٓئِلُ أَبْنَآئِكُمُ اُ۬لذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْۖ}[النساء: ٢٣] وقال النبي ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»، فإذا ثبت ذلك حرمت المرأة؛ لأنها صارت حليلة ابنه، ولا خلاف أن المرضَع لو زُوِّج بعد الرضاع امرأة أنها تحرم على الذي أرضع بلبنه، فكذلك التي ذكرناها، والعلة أنها امرأة ملكها ابنه من الرضاعة بعقد النكاح.
  ووجه رواية الأحكام: أن كونه ابناً له من الرضاعة صادف فسخ النكاح بينه وبين المرأة، فلم يحصل المرضع مالكاً لعقد نكاحها مع أنه ابن من أرضع بلبنه، فلم تكن المرأة على هذا قط حليلة ابنه؛ لأن المرضع لما صار ابنه خرجت المرأة عن أن تكون له حليلة، فلم يجب أن تتناوله الآية. وأيضاً حالها حال حليلة الأجنبي وقياس عليها، بمعنى أن من له بنوته لم يملك عقدة نكاحها، يعني في حال ما صار ابناً له، فأشبهت حليلة الأجنبي في أنه يجوز له نكاحها.
  وما ذكرناه من أنه لا صداق لها لأن الفسخ كان من قبلها فهو صحيح على الروايتين، وهو مما لا أحفظ فيه خلافاً؛ لأنه قد ثبت أن كل فسخ يكون من قبل المرأة لا يوجب شيئاً من المهر للتي لم يدخل بها كما نقوله في المرتدة ونحوها.
مسألة: [في المرأة ترضع زوجها بعد الحولين]
  قال: فإن أرضعت زوجها بعد الحولين أو سقته لبنها طالبة لفراقه لم تحرم عليه، وجاز للزوج أن يؤدبها.
  وهذا على أصله في الرضاع إذا وقع بعد الحولين لم يكن له حكم، وقد مضى الكلام فيه مستقصى، فلا وجه لإعادته، فإذا ثبت ذلك ثبت صحة ما ذكرناه من أنها لو أرضعت زوجها بعد الحولين لم تحرم عليه.
  وقلنا: لزوجها أن يؤدبها لما ذكره يحيى بن الحسين # من الحديث عن علي $ أن رجلاً سأله فقال: إن لي زوجة ذكرت أنها أرضعت جارية لي، فقال له