شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض

صفحة 110 - الجزء 2

  قيل له: في الخبر أن مجاهداً قال: دخلنا على عائشة فاستسقى بعضنا، فأتي بعسٍ، فقالت عائشة: كان النبي ÷ يغتسل بمثل هذا، قال مجاهد: «فحزرته⁣(⁣١) فيما أحزر ثمانية أرطال، تسعة أرطال، عشرة أرطال»⁣(⁣٢)، ففي هذا أن ذلك الصاع كان صاعاً يغتسل منه، ويجوز أن يكون أيضاً قد أخطأ في الحزر.

  فإن قيل: روي في صدقة الفطر «صاعاً⁣(⁣٣) من تمر»، فيجب أن يحمل هذا على كل ما وقع الاسم عليه كالعموم، ولا يجب أن يحمل على أقل ما قيل فيه.

  قيل له: إذا جرى ذلك مجرى العموم كان حقه أن يقول: إن كل من أخرج بما يقع عليه اسم الصاع فهو يذهب إليه فيمتثل الأمر⁣(⁣٤).

  ولا وجه لإيجاب أكثر ما قيل فيه؛ لأنه لا دليل له.

مسألة: [في أن نصاب غير المكيل أن تبلغ قيمته في السنة مائتي درهم]

  قال: وإن كان مما لا يكال فلا صدقة فيه حتى تبلغ قيمته في السنة مائتي درهم، سواء أغل في السنة دفعة أو دفعتين أو أكثر من ذلك.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام، وذكره أيضاً في المنتخب⁣(⁣٥).

  واعلم أن هذه المسألة لها أصول ثلاثة:

  أحدها: أن الصدقة واجبة في كل ما أخرجت الأرض من الزرع والثمار وغيرها.

  والثاني: أنه لا بد في جميع تلك الصدقات من أن يكون للمأخوذ منه نصاب، وقد مضى القول في ذلك.

  والثالث: وهو الذي يختص هذا المكان: هو بيان أن ما لا يكال مما أخرجت


(١) في (أ، ب، ج): فحزرت.

(٢) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٤٨)، وروى نحوه النسائي (١/ ١٢٧).

(٣) في (د): صاع.

(٤) في (ب): فيمتثل للأمر، وفي (د): فممتثل للأمر.

(٥) الأحكام (١/ ١٧٨، ١٧٩)، والمنتخب (١٦٦).