باب القول في المياه
  قيل له: ليس الأمر على ما قدرت، وذلك أن الكناية ترجع إلى أقرب المذكور إليها دون ما عداه، فقوله تعالى: {فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ} راجع إلى الخنزير، على أن هذه الظواهر لو سلمت لكان ما ذكرناه من القياس ورويناه من الأخبار مخصصاً لها.
مسألة: [في أن جلود الميتة نجسة وإن دبغت]
  وجلود الميتة نجسة وإن دبغت، ينجس بمسها الماء.
  وقد نص على هذا الهادي # في كتاب اللباس من الأحكام(١).
  وذكره أيضاً في كتاب الصلاة من الأحكام(٢) عند ذكره كراهية الصلاة في الخز؛ لأنه لا يدرى هل هو ذكي أم لا، وذكره أيضاً في المنتخب(٣)، وهو مذهب القاسم والناصر @، وهو المروي عن جعفر بن محمد.
  والأظهر فيه أنه إجماع أهل البيت $، ومن مذهبنا أنهم إذا أجمعوا على شيء وجب القول به والمصير إليه.
  واستدل القاسم # على ذلك بقوله سبحانه: {حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ}[المائدة: ٣]، لم يرد أن الميتة نفسها محرمة على التحقيق، وإنما المحرم أفعالنا فيها؛ لأن الميتة فعل من أفعال الله تعالى يستحيل أن يتناولها التحليل والتحريم، فإذا ثبت ذلك كان التحريم متناولاً جميع أفعالنا فيها، فثبت تحريم دبغه وتحريم مسه والانتفاع به على كل وجه، ألا ترى أنه لا فعل يشار إليه من أفعالنا فيها إلا ويحسن الاستثناء منه، ومن شأن الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله فيه، فإذا ثبت ذلك ثبت تنجيسه؛ إذ كل ما يحرم استعماله على كل وجه فواجب تنجيسه.
  ومما يدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا الناصر، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن
(١) الأحكام (٢/ ٣٠٤).
(٢) الأحكام (١/ ١٣٢).
(٣) المنتخب (٢٣١).