باب القول في الرضاع
  التصرف فيه وإن كان لا يوجب الحرمة إذا لم يكن من سيدها، وإنما المعتبر أن يكون سبب نزوله من الرجل الذي يثبت لوطئه حكم.
  وما قلناه: من أن تحريم الرضاع كتحريم النسب هو جملة تفصيلها قد تقدمها وتأخر عنها، فلا وجه لإفراده بالقول، وهذه الجملة هي التي نص عليها النبي ÷ بقوله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».
مسألة: [في المرأة ترضع أكثر من واحد]
  قال: ولو أن امرأة أرضعت صبياً وصبية في وقتين متقاربين أو متباعدين سواء كان اللبن لولد أو لولدين حرم التناكح بينهما، وكانا أخوين، وكذلك لا يجوز لهما أن يتزوجا ولد هذه المرضعة، ولا ولد زوجها الذي(١) أرضعت بلبنه.
  جميعه منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢) في مواضع مختلفة.
  ووجه قولنا: إن تباعد وقت الرضاع كتقاربه في إيجاب الحرمة أن الله تعالى قال: {وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ اَ۬لرَّضَٰعَةِۖ}[النساء: ٢٣] وقال ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» وليس في الآية الأولى ولا في الخبر اشتراط تقارب مدة الرضاعين، فيجب أن يستوي حكم التقارب والتباعد.
  وكذلك ما روي أن رجلاً جاء إلى النبي ÷ فقال: إن امرأة سوداء ذكرت أنها أرضعتني وزوجتي، فلم يقل النبي ÷: إنها تسأل عن وقت إرضاعها لهما.
  على أن الرضاع إذا ثبت أنه كالولادة في باب التحريم، وقد علمنا أن تباعد زمان الولادة كتقاربه - وجب أن يكون الرضاع كذلك؛ إذ المعتبر بحصول الاشتراك في السبب(٣) الموجب للتحريم دون اعتبار ما بين الوقتين من المدة(٤).
(١) في (د): التي.
(٢) الأحكام (١/ ٤٢٩) والمنتخب (٢٥٤).
(٣) في (أ، ج): النسب.
(٤) كذا في المخطوطات.