شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن تجب له الشفعة وكيفية وجوبها

صفحة 246 - الجزء 4

  بالشريك، وربما كان التأذي به أشد؛ لأن الجار له أن ينفرد بالأبنية المؤذية، وليس ذلك للشريك. على أن في أخبارنا نصوصاً لا تحتمل التأويل، فصار قولنا أولى.

مسألة: [في شفعة أهل الذمة فيما مصَّره المسلمون]

  قال: وكل مصر مَصَّرَه المسلمون فلا شفعة فيه للذمي⁣(⁣١).

  ووجهه: أن المصر لا حق لهم فيه إلا ما يملكون، فلا يفسح لهم في الشفعة؛ ليكون تفرقة بين المصرين، ولما⁣(⁣٢) روي عنه ÷ من أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه⁣(⁣٣)، وقال تبارك وتعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْ اُ۬لسُّفْلَيٰۖ وَكَلِمَةُ اُ۬للَّهِ هِيَ اَ۬لْعُلْيَاۖ}⁣[التوبة: ٤٠]، ولا⁣(⁣٤) يفسح لهم في مصر مصره المسلمون ليتحكموا فيه ويعلوا.

مسألة: [في شفعة أهل الذمة فيما مصروه]

  قال: فإن كان مصراً مصره الكفار كان لأهل الذمة أن يشفع بعضهم على بعض، ولم يكن لهم شفعة على المسلمين⁣(⁣٥).

  ووجه منعهم أن يشفعوا على المسلمين ما قدمنا، ولأن الشفعة موضوعة لدفع التأذي، وقد أذن لنا في بعض الإيذاء لهم، قال الله تعالى: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩}⁣[التوبة]، وعن⁣(⁣٦) النبي ÷: «إذا كنتم معهم في طريق فألجئوهم إلى المضيق»⁣(⁣٧).

  وعن علي # أنه حاكم نصرانياً إلى قاضيه شريح، فجلس إلى جنب شريح


(١) الأحكام (٢/ ٧٨).

(٢) في (أ، ج): وبما.

(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٣٧١) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٣٨).

(٤) في (هـ): فلا.

(٥) الأحكام (٢/ ٧٩).

(٦) في (ب، د، هـ): وقول النبي. وفي نسخة في (هـ): وعن النبي.

(٧) أخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٣٠).