شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ستر العورة والثياب التي يصلى فيها وعليها

صفحة 487 - الجزء 1

مسألة: [في حكم النجاسات السابقة إذا أطبقت ولم تنقطع]

  قال: ومن ابتلي بشيء مما ذكرنا فليغسل ثوبه مما أصابه منه، فإن كان شيئاً لا ينقطع وقتاً من الأوقات فلا ضير عليه في تركه، ولا يستحب له أن يتركه في ثوبه أكثر من يوم وليلة، إلا أن يشق ذلك عليه فيعذر في تركه يومين أو ثلاثة على قدر ما يمكنه، وإن أمكنه ثوب غيره عزله لصلاته.

  وذلك كله منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)، وقد تقدم الكلام في إيجاب غسله عن الثوب إذا أراد الصلاة فيه.

  فأما ما ذكرنا من أنه إن كان شيئاً لا ينقطع وقتاً من الأوقات فلا ضير في تركه فالأصل فيه الحديث الذي ذكرناه بإسناده في باب الاستحاضة، وهو: أن فاطمة بنت أبي حبيش لما قالت: يا رسول الله، إني أستحاض فلا ينقطع عني الدم، أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها [ثم تغتسل]⁣(⁣٢) وتتوضأ لكل صلاة وتصلي وإن قطر الدم على الحصير قطراً.

  فوجب أن يكون سبيل سائر النجاسات إذا لزمت صاحبها سبيل دم الاستحاضة؛ ولأن خلافه غير مقدور عليه فلا يجوز أن يؤمر به.

  وأما ما ذكرناه من التقديرات فلم نذكرها على القطع، وإنما ذكرناها على التقريب.

  والأصل فيه أنه يجب على الإنسان أن يحتاط ويزيل منه ما أمكنه؛ لأنه وإن عذر فيما يتعذر فغير معذور فيما يمكن ولا يتعذر، وذكرنا ثلاثة أيام إنما هو لأن الغالب أن الإنسان يمكنه فيها تبديل ثوبه، فإن تعذر كانت الثلاثة الأيام كاليومين، وكانت الأربعة كالثلاثة في أن الإنسان يكون معذوراً إلا⁣(⁣٣) أن يتمكن.


(١) الأحكام (١/ ٧٤).

(٢) ما بني المعقوفين من المطبوع.

(٣) في (ب): إلى.