باب القول في الإقرار
مسألة: [في نفي الرجل للمولود بعد الإقرار به أو السكوت حين يولد]
  قال: وإذا ولد للرجل مولود فأقر به لم يكن له نفيه بعد ذلك، وكذلك إن سكت حين يولد لم يكن له نفيه بعد ذلك، وسكوته في هذا الموضع بمنزلة الإقرار(١).
  وهذا قد أوردنا فيه ما وجب في آخر باب اللعان، وبينا أنه إذا أقر فلا خلاف أنه لا يجوز إنكاره بعد ذلك كسائر الحقوق إذا أقر بها، وبينا ما في السكوت من الخلاف، وأن وجه قولنا فيه: أن ما يوجب السكوت يستوي فيه قليل المدة وكثيرها كالشفعة، فلا وجه لإعادة تفاصيل ما مضى.
مسألة: [في إقرار الهازل]
  قال: وإذا تلفظ الرجل هازلاً بما يجري مجرى الإقرار على نفسه وعلم ذلك من قصده لم يكن ذلك إقراراً، ولم يلزمه به حكم.
  والوجه في ذلك: أن الإقرار إنما يلزم لأنه خبر منه عن لزوم الحق إياه، [والقصود مما(٢) يعلم ضرورة، فإذا(٣) علم من قصده أنه لم يرد الإخبار عن لزوم الحق لم يكن له حكم؛ دليله سائر العبارات التي لا تتضمن الإخبار عن لزوم الحق](٤). وأيضاً قد ثبت فيما صيغته صيغة الأمر أنه لا يجب أن يحمل على الأمر إذا علم أنه تهديد أو إباحة، سواء صدر عن الله ø أو عن رسوله ÷ أو عن بعض من تلزم طاعته، كسيد العبد ونحوه، والعلة أنه علم من قصد فاعل الصيغة أنه لم يقصد أن يكون ذلك أمراً فوجب صرفه عن ظاهره، كذلك ما ظاهره الإقرار إذا علم من قصد فاعله أنه لم يرد به الإقرار لا يجب أن
(١) المنتخب (٢٩٣، ٥٤٥).
(٢) في (أ): إنما.
(٣) في (هـ): والقصود مما يمكن أن تعلم فإذا ... إلخ.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).