باب القول في السلم
مسألة: [في اختلاف المسلم والمسلم إليه في جنس المسلم فيه أو قدره أو مكان قبضه]
  قال: وإذا اختلف المسلم والمسلم إليه في جنس ما أسلم فيه أو مقداره أو المكان الذي يتقابضان فيه ولم يكن لأحدهما بينة حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه وبطل السلم، وإن أتيا جميعاً بالبينة كانت البينة بينة المسلم(١).
  وجه قولنا: إن كل واحد منهما يحلف على دعوى صاحبه: أن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه؛ لأن المسلم يدعي على المسلم إليه جنساً هو له منكر، أو قدراً هو له منكر، أو استحقاق قبض في مكان هو له منكر، والمسلم إليه يدعي أنه يلزمه قبض جنس أو مقدار أو في مكان عوضاً مما قبضه من رأس المال، والمسلم منكر لذلك.
  وقلنا: إنهما إن أتيا بالبينة كانت البينة بينة المسلم لأنه لا يخلو من أن يجب إسقاط البينتين [أو إثباتهما أو إثبات إحداهما، لا يجوز إسقاطهما](٢) لأن المسلم قد ثبتت له بينة ما ادعاه على المسلم إليه، ولا سبيل إلى إسقاط بينته، ولا يجوز إثباتهما؛ لأنا لو أثبتناهما لكنا قضينا للمسلم بأكثر مما يدعيه؛ لأنه إن ادعى براً والمسلم إليه يدعي شعيراً وقبلنا البينتين قضينا للمسلم بالبر والشعير، وذلك ما لم يدعه، فلما فسد ذلك ثبت أن الواجب قبول إحدى البينتين، فإذا ثبت ما ادعاه المسلم ببينته أثبتنا بينته وألغينا بينة المسلم إليه.
  وأيضاً لو قبلنا البينتين قبلناهما على أن كل واحد(٣) عقد للسلم(٤) مخالف لعقد الآخر، فإذا ثبت العقدان دفعنا إلى المسلم ما يدعيه لثبوت عقده الذي
(١) الأحكام (٢/ ٧٢).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٣) كذا في المخطوطات.
(٤) في (ب، د): السلم.