باب القول في تحديد الدية وكيفية أخذها
  اعلم أن الصحابة اتفقوا أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين في أيام عمر، ولم يذكر عن أحد منهم خلاف بعد أن ظهرت المسألة، والأقرب أنه كان عن توقيف؛ لأنه لا يجوز أن يجتمعوا على تأخير حق لازم بضرب من الاجتهاد، ولم يختلف أيضاً بعد ذلك - على ما عرفتُ - أحد من العلماء فيه، فصار ذلك إجماعاً من المسلمين.
  وإذا كانت الدية في ثلاث سنين أخذ الثلث في سنة واحدة، وكذلك ما دونه، وأخذ النصف في سنتين؛ لأن الثلث يؤخذ في سنة واحدة، والباقي - وهو سدس - يؤخذ في سنة ثانية، وكذلك الثلثان يؤخذ في سنتين؛ لأن كل ثلث يؤخذ في سنة، وكذلك ثلاثة الأرباع يؤخذ في سنتين؛ لأن كل ثلث يؤخذ في سنة، والباقي - وهو نصف السدس - جعله تابعاً للثلثين؛ لأنه يسير، فجعل(١) اليسير تابعاً للكثير، وهذا وجه ما ذكر من التفصيل.
  قال: وإذا لزم الرجل ديات عدة أخذ كلها في ثلاث سنين(٢).
  وذلك أن الديات لا تتداخل؛ لأنها من حقوق بني آدم، فيؤخذ من كل دية في كل سنة ثلثها، فيؤخذ(٣) الجميع في ثلاث سنين، ولا أحفظ في هذا خلافاً.
مسألة: [في عفو المجني عليه قبل الموت]
  قال: ولو أن رجلاً ضرب رجلاً بالسيف فعفا عنه المضروب قبل أن يموت ثم مات كان وصية، إن كان له مالٌ تكون الدية ثلثه فلا شيء عليه، وإن لم يكن له مال تكون الدية في ثلثه سقط عنه من الدية مثل(٤) ثلثه، ولا قود عليه(٥).
(١) في (ب، د): يجعل.
(٢) الأحكام (٢/ ٢٢٣، ٢٣٤).
(٣) في (د): يؤخذ.
(٤) في (ب، د): مقدار. وفي (هـ): بقدر.
(٥) المنتخب (٥٩٨).